لن يكون جديداً أن نعتبر ما يجرى فى إمبابة وما جرى فى الأسابيع الماضية محاولة لتخريب البلد وإثارة الفوضى، وسواء كانت تلك المحاولة مقصودة، أو عن جهل فإن نتيجتها يمكن أن تقود إلى طائفية وحرب أهلية وخراب شامل.
ولا يمكن فصل الميليشيات المسلحة فى إمبابة عن قطاع الطرق والبلطجية والخارجين على القانون، ممن يقتلون الأبرياء فى الشوارع، ويروعون المسالمين ويهاجمون المستشفيات والأطباء، فكل هؤلاء يسعون للفوضى ويعرقلون أى جهود للتنمية والتقدم، ويتآمرون على الدولة والحكومة، ويتعمدون عرقلة أى جهد للبناء، حلفاء أبو لهب لا علاقة لهم بالتحرير، ولا تشغلهم الحرية ولا يشغلهم العدل.
لقد كادت مشكلة "كاميليا" تنتهى بوصولها للنيابة وظهورها فى فضائيات لتحسم أمر مسيحيتها، حتى ظهرت قضية "عبير"، التى قال البعض إنها أسلمت وتزوجت، لكن تم اختطافها، وتحركت ميليشيات دون استقصاء لتطالب بها، ووقعت مصادمات وحروب، ولم يتوقف أى من مشعلى الفتنة ليسألوا كيف تتركز كل مشاكلنا فى فتيات ونساء؟ ولماذا لم يلجأ زوج السيدة، إن كان له حق، إلى جهات التحقيق ليطالب بحقه بدلا من هذه البلطجة والخروج على القانون وإشعال النار؟.
ولم يلتفت أنصار أبو لهب وهم يشنون حربهم الملعونة إلى منظر "الزبالة" التى يفترض أن يرفعوها من الشوارع ومن نفوسهم، ولا فكروا فى أنهم يدمرون بلداً يعيشون فيه، وركزوا اهتمامهم فى أنانية وجهل يغوصون فيه.
لقد شهدنا خلال الأسابيع الماضية استعراض قوة وحصارا للكنائس وتهديدا هو خطة لصرف أنظار الناس عما يجب أن يحدث أو يبنى لصالح جهات أو أطراف غامضة، ويبدو أن هناك من يشاركون فى إشعال النار ممن يفعلون ذلك بمقابل تماما مثل البلطجية الذين يتم تأجيرهم للانتقام والحرق والقتل، هذا بصرف النظر عن انتماءات هؤلاء، لأن هؤلاء لا يبدو أنهم مشغولون بعمل أو رزق وتفرغوا للصراخ هنا وهناك.
السلفيون يدافعون عن أنفسهم، ويخرج مشايخهم ليقولوا إنهم ضد العنف والاستعراض وإن هناك من يسيئ للسلفيين، ونحتاج بالفعل إلى أن نصدقهم، ثم لا نجد غيرهم فى الساحة، وكل مساعيهم ليست من أجل رفع القمامة أو رفع الأذى أو دعم المستشفيات المتردية أو الشوارع المزدحمة، لكننا نشاهد كل خلافاتهم وصراعاتهم من أجل فتاة هنا أو سيدة هناك.
حصار للكاتدرائية وصراعات على ملكية مساجد ينخرط فيها من نظنهم أوسع عقلا، رأينا مظاهرات بالآلاف وعشرات الآلاف تنطلق من مسجد النور وغيره لتحاصر الكنيسة بعضهم يحمل ورقة "عاوز أختى" وتم إبلاغ النيابة ويفترض أن يلتزموا الصمت، وقبلها رأينا قناة تعرض فيديو تظهر فيه "كاميليا" وتؤكد أنها مسيحية، لكن فى نفس اليوم يخرج لنا آخرون ليقولوا إن "عبير" اختطفت من زوجها، وتم إخفاؤها فى مبنى تابع للكنيسة، وتحركت قوات أبو جهل لتطالب بعبير لم يفر أحد منهم فى إبلاغ النيابة أو البوليس أو المجلس العسكري، ولا يمكن تجاهل مظاهرات تطالب بإقالة المفتى وشيخ الأزهر، منسوبة للسلفيين، فمن يريد إقناعنا بأنهم بعيدون عن تلك الفتنة التى تهدد بإشعال وتدمير البلد كله، وهى أمور أشعلت غضب المجتمع عليهم، وأصبح الناس يطالبون بالحسم فى مواجهة هؤلاء بالقانون الذى يردع قطاع الطرق من المجرمين والمتعصبين.
وحسنا فعل المجلس الأعلى عندما أحال المتهمين للمحاكمة العاجلة، ومن يثبت تورطه يتلقى العقاب الرادع. هذه خطوة، لكن الأهم هو أن يساند المجتمع الدولة، ممثلا فى المجلس العسكرى والحكومة، لمواجهة الخروج على القانون من أى طرف، ومواجهة بلطجية أبو لهب فى إمبابة وغيرها.