شهدت الأيام القليلة الماضية، تدهورا فى الوضع الأمنى للبلاد بشكل ينبئ بالخطر، وبمنهج منظم الأمر الذى دعا المجلس العسكرى للحديث بشكل مباشر عن ذلك فى اتجاهين هما:
أولا: أن قوى من النظام السابق خلف تلك الأعمال الإجرامية
ثانياً: أن هناك قوى خارجية وراء أحداث الفتنة الطائفية، وأن المجلس العسكرى يتعقب المواقع التى تثير الفتنة، وسائل الإعلام وصحف 4/5/2011
وكان قد سبق تلك التصريحات أحداث غير عادية مثل:
• اقتحام البطجية قسم الساحل وإخراج المحتجزين
• المظاهرة السلفية أمام الكاتدرائية بشأن كاميليا شحاتة
• تفجير أنبوب الغاز الخاص بإسرائيل فى اليوم التالى لجلسة المصالحة بين د.عصام شرف رئيس الوزراء وبدو سيناء، وما تلى ذلك من تصريحات رسمية، تؤكد أن بدو سيناء بعيدين عن الشبهات وأن مرتكبى الحادث قوى خارجية
• محاولة إفساد مؤتمر د.عصام شرف فى قنا، وأكد كل رموز التيارات الوطنية والدينية بالمحافظة، أن وراء ذلك قيادات من أمن الدولة والحزب الوطنى المنحل وحددوهم بالاسم فى الجزيرة مباشر 6/5/2011
• إعلان الشباب القبطى عن تنظيم مليونية للدفاع عن الكاتدرائية فى مواجهة التحرشات السلفية
• وأخيرا أحداث إمبابة التى أسفرت عن حرق كنائس وسقوط 12 قتيلا وعشرات الجرحى
اخترت هذه الأحداث لأنها تعبر عن تظافر جهود قوى خارجية سبق الحديث عنها فى مقال بعنوان (التنظيم الدولى لجمال مبارك) "نشر فى اليوم السابع 21/4/2011، وقوى داخلية معروفة ومكشوفة للجميع ولا أريد أن أقول "فلول الوطنى" بقدر ما تسمى جماعات المصالح المناهضة للثورة.
الخطر الحقيقى والذى أفزعنى بعد نشر مقال "محاولات تفكيك الدولة المصرية، بموقع اليوم السابع 2/5/2011 ، تحاور معى أربعة محللين أجانب، وأعيد نشر المقال فى مجلة "أخبار مصر" الإلكترونية، وEG11 وهى أول مجلة إخبارية شبابية بالوطن العربى، كما دعيت للحديث فى برنامج "مصر التى فى خاطرى" ويقدمه المحلل لطيف شاكر بقناة أمريكية تسمى "الرجاء" واهتم مقدم البرنامج بالمقال وقرأه كاملا للمشاهدين، وركز بقوة على الفقرة التى كانت تتحدث المخطط الأمريكى الصهيونى القديم والمتجدد لتفكيك وتقسيم مصر، ولمست وطنية خالصة من المتحدثين وخشية على أن هذا المخطط جارى تفعيله وبقوة الآن وإن كان بطريقة غير مباشرة.
وبالطبع ليس كل من يشارك فى تلك الأحداث موجة من الخارج أو عميل لجهات أجنبية، ولكن تستفيد الجهات الخارجية من تلك الأعمال بشكل غير مباشر، أو كما يقول الفيلسوف الألمانى إنجلر: "إن الطريق للجحيم مفروش بالنوايا الحسنة"، ولكن فى نفس الوقت كلنا يعرف درس التاريخ، وإن أعداء ثورة 1952 تعاونوا مع المخابرات السعودية، والمخابرات البريطانية والأمريكية CIA من أجل أسقاط ناصر.
ولكن الفرق بين يوليو 1952، ويناير 2011 ، يكمن فى أن العسكريين كانوا يحكمون البلاد بعد ثورة يوليو بقبضة حديدية، ولذلك أستطاعوا أن يصلوا بالدولة المصرية إلى بر الأمان، وإن كان ثمن ذلك هو عدم تحقيق الديمقراطية السياسية ، ولكن فى حالتنا ترك نظام مبارك الدولة المصرية فى حالة من التفكك الهيكلى ،أو بصراحة صارت "دولة آيلة للسقوط " وطوال الثلاثين عاما الماضية ، كانت الدولة المصرية فى حالة التصاق مثل التوأم الملتصق ، وتبقى عملية الفصل بين الدولة والنظام السياسى محفوفة بالمخاطر، وتحتاج لوقت اطول ودقة متناهية عكس ما يحدث الآن.
كما أن التصريح الأهم الذى أصدره المجلس العسكرى فى صحف ووسائل الاعلام 5/5/2011، اتهم اللواء مختار الملا ، عضو المجلس الاعلى للقوات المسلحة، من سماهم "فلول النظام السابق من قيادات داخلية" و"جهات خارجية تهدف إلى انهيار مصر" بالوقوف وراء الانهيار الأمنى وأعمال الترويع والبلطجة، وأكد فى أولى ندوات "المجلس العسكرى" فى 4/5/2011، تحت عنوان "الأمن وآلية تحقيقه فى ظل الظروف الحالية"، أن القوات المسلحة تحمى الشرعية الدستورية وليس نظام الحكم ، وأن المجلس العسكرى يدير شئون البلاد ولا يحكمها ، مؤكد على أن جميع المؤسسات تعمل تحت إدارة مجلس الوزراء والهيئات القضائية، وبالتالى كما أضاف "أن القوات المسلحة لا تتدخل إلا عند الضرورة".
ويبدو أن هذا الإعلان فائق الأهمية قد أرسلته القوات المسلحة للكافة بعد أن تعالت بعض الأصوات فى اتجاهين:
الاتجاه الأول : يلتبس عليهم موقف القوات المسلحة ويفسرونه كالتالى:
1- ترى قطاعات ليست قليلة من الرأى العام "القبطى"، أن المجلس العسكرى بداخله تيار لا يريد مواجهة "السلفيين" ويغذى ذلك الرأى عدم محاكمة المتهمين فى هدم كنيسة صول، والصورة التى نشرتها الأهرام فى صدر صفحتها الأولى للحاكم العسكرى فى قنا وهو يصافح المتهم بقطع أذن المواطن القبطى، ثم عدم التدخل فى الأحداث الأخيرة التى نالت من هيبة الدولة المصرية من جراء رفض تعيين المحافظ على أساس دينى وقطع السكك الحديدية.
2- كذلك توجد بعض الآراء فى أوساط النخب المدنية تتسأل: لماذا يحاكم البلطجية عسكريا، ويحال دعاة الفتنة فى أبو قرقاص إلى النيابة العسكرية ويتم التغاضى عن القيادات السلفية التى تحرض على الفتنة، بل وذهب البعض إلى أن المجلس العسكرى لا يواجه إلا ثوار التحرير والبلطجية والمسيحيين!!
الاتجاه الثانى: يثار فى أوساط بعض النخب المدنية ويرى أن المجلس العسكرى يترك للجميع "الحبل على الغارب" حتى يخاف الرأى العام ويخشى على الدولة من الانهيار فيطالب المجلس العسكرى بضرورة السيطرة على الانفلات وحكم البلاد.
أعتقد أن تلك الآراء وإن كانت لا تخل من عدم الدقة إلا أنها تنبع من هواجس ومخاوف حقيقية وواقعية، ولا يكفى أن يؤكد المجلس العسكرى على أنه يدير ولا يحكم لأنه يدرك جيداً أن لا دولة بدونه وأن السيطرة على البلاد تحتاج لقوة تحمى القانون، وأن الحفاظ على هيبة الدولة لن يحدث بالندوات والتصريحات.
ومع كامل احترامى لأصحاب الياقات البيضاء من النخب المدنية الذين يغرقون حتى أذنيهم فى أساطير وأحلام عن الانتخابات القادمة سواء الرئاسية أو البرلمانية، وخرافة الدستور الجديد، وهم غير قادرين على حماية انفسهم ومؤتمراتهم الانتخابية ( مثل عمرو موسى فى الصعيد) (أو البرادعى فى المقطم) أو (مؤخرا عصام شرف فى قنا).
لابد أن تدركوا أنه ليس هناك أى إمكانية (حتى لو جيوبولتيكية) لإجراء أربعة انتخابات حتى نهاية العام فى ظل الانفلات الأمنى ومن ثم لا بديل عن مقترحين للحفاظ على الدولة هما:
1- أما أن نترك للمجلس العسكرى حكم البلاد وليس إدراتها لمرحلة انتقالية يتم فيها التطهير والحفاظ على الدولة، وتأهيل البلاد لحكم مدنى ديمقراطى
2- أو الاتفاق على أرضية التوافق الوطنى على البرلمان والرئيس والدستور لفترة انتقالية أربعة سنوات
أو سيكون البديل هو الفوضى وعودة ما هو أسوأ من النظام القديم
اللهم بلغت اللهم فأشهد
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة