نعلم أن الحزب الوطنى أفسد الحياة السياسية، وهناك دعوات لعزل قيادات الحزب عن العمل السياسى والعام لمدة خمس سنوات، لإزالة تأثيراتهم السلبية، ومنعهم من العودة إلى البرلمان. البعض يكتفى بطلب منع قيادات الصف الأول من نواب الوطنى السابقين من الترشح. والبعض يرى مد العزل على كل من شارك فى مجلسى الشعب والشورى والمحليات الأخيرة.
البعض يستند إلى قانون صدر فى الخمسينيات يفرض عزلا سياسيا على من تورط فى إفساد الحياة السياسية أو ما سمى بقانون الغدر. التفكير كله ينصب على قيادات الصف الأول، بينما قيادات الصف الثانى والثالث يحتلون المجالس الشعبية المحلية ويمتلكون قدرات التحكم فى إرادة الناخبين. ولا ننسى أن من يصنفون كمعارضين للوطنى حاليا هم فى الواقع عارضوه بعد استبعادهم. ثم إن مفسدى الحياة السياسية منهم قيادات الأحزاب التى كانت تسمى معارضة، لعبت دور الظهير للحزب الحاكم، وتمد أيديها له وتطلب منه العون وتسانده فى مواجهة معارضيه. الوطنى أخلى الساحة من المعارضين وانفرد بها. وجرت عملية تجريف للتخلص من المعارضين فيه. وهو تجريف بدأ منذ الثمانينيات عندما كانت هناك حركة سياسية وحزبية مميزة إلى يسار ويمين ووسط، ومع الوقت أفرغت من مضمونها، حتى اختفت الفوارق بين الأحزاب والتيارات، وكانت قبل يناير مفرغة وفاقدة للوعى. وخالية إلا من الإخوان - الذين يمتلكون مشروعا - سواء اختلف البعض معه أو اتفق. والدليل أن أيا من الأحزاب لا يمتلك مبادرة للواقع الحالى أو إجابة عن أسئلة الشارع. لأنها أحزاب لم تكن مستعدة وهى فى الواقع معزولة سياسيا ولا تحتاج لقرار.
لكن السؤال: هل العزل وحده يصلح الحياه السياسية، الواقع يقول إن النظام الانتخابى نفسه فاسد وإرادة الناخب غير حرة ومن كانوا يبيعون أصواتهم سابقا، لا يوجد ما يمنعهم من بيع أصواتهم فى أى انتخابات مقبلة.
الأهم من العزل، هو البحث عن طريقة لتحرير إرادة الناخبين، وهو أمر لا يتعلق بالأمية ونقص الوعى، بل يمتد إلى الطبقات المتعلمة والمثقفة. ولو راجعنا انتخابات النقابات والنوادى نكتشف أن الذين احتلوا المواقع هم من استطاعوا التأثير على إرادة الناخبين وليس أصحاب البرامج، وهو ما يتوقع تكراره فى الانتخابات المقبلة.
البداية إذن هى الاعتراف بأن النظام الانتخابى فاسد وأن إصلاحه سوف يستلزم سنوات، من العمل الحقيقى. وأن يتعلم السياسيون الجدد العمل السياسى فى ظل قواعد تضمن حرية إرادة الناخب. لأنه إذا تم عزل عدد من السياسيين سيظهر آخرون يستخدمون سلاح المال أو البلطجة أو العقيدة للسيطرة والفوز. وسرقة الإرادة. الحل هو إصلاح الثقوب التى ينفذ منها الانتهازيون ولصوص الإرادة السياسية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة