ليس مهما الآن الحديث عن الخروج من تصفيات نشارك فيها منذ 1957، ولا عن أخطاء تدريبية فادحة ارتكبها حسن شحاتة فى المباريات الأربع الأخيرة، لأننا خرجنا بالفعل، وبعد أن كنا رقم 9 فى التصنيف العالمى قبل أقل من عام صرنا ننافس مدغشقر وجزر القمر فى الحصول على لقب الأسوأ فى أفريقيا، المهم، إذا كنا مقتنعين بمقولة «قل لى كيف تلعب أقل لك من أنت»، يجب أن نتساءل: هل فريقنا الوطنى الذى أسعدنا لست سنوات متتالية أصبح بليدا لهذه الدرجة؟ لأنه لم يستوعب بعد أن مصر تغيرت، وأنه كان ينبغى أن يتم التعبير عن أشواقها فى الملعب بطريقة تليق بثورتها المبدعة؟ لا شك أن الجيل الحالى من اللاعبين هو الأفضل، ولكن ينبغى أن نقيم إنجازاته بعيدا عن أستديوهات التحليل، ونربط بين ما قام به وبين حركة وحيوية الشارع منذ 2005، العام الذى بدأت تتحرك فيه قطاعات من المجتمع تطالب بالتغيير، وقامت بانتزاع حق التظاهر، وقامت بالتمرين لمدة ست سنوات من أجل إحراز الهدف فى 2011، الشارع هو الذى حقق ثلاث بطولات قارية بأقدام لاعبيه، وليس حسن شحاتة وحده، لأنه كان ينبغى أن يرفرف علم مصر حتى لو فى كرة القدم، لكى يشعر المشجع بالانتصار ويركن هزائمه الشخصية على جنب، كنا الأفضل فى غانا 2008، السنة التى وصل فيها منسوب الغضب إلى أعلى مستوى، وبدأ النظام يضيق بحالة الارتجال التى كسرت هيبته، وكان الفريق الوطنى هو مصدر الإنجازات الوحيد أمام الذين يفتقدون الفرح، كسبنا فى 2010 ولم نكن الأفضل، وهذا يحدث فى كرة القدم أحيانا، النظام وضع حسن شحاتة فى «أفيش» رموزه إلى جوار كبار الكتاب ورجال الأعمال والفنانين والمعارضين الرسميين، وهو اعتبر نفسه رمزا وجزءا من هذا الأفيش، وأصبح مشغولا ببقاء حسنى مبارك وإرضاء نجليه أكثر من التركيز فى الملعب، رغم أنه لا يقوم بعمل تطوعى ويتقاضى راتبا كبيرا.. بعد تزوير الانتخابات البرلمانية وتزايد عربات الأمن المركزى فى الشوارع وكثرة البرامج الرياضية والقنوات وأستديوهات التحليل تم الفرز فى كل شىء، ولم يحقق الفريق الوطنى المخيف سوى نقطة واحدة فى ثلاث مباريات، وقامت الثورة وتم عزل اللاعبين عن العمل العام، ولو كان عدد منهم قد مر على ميدان التحرير أو القائد إبراهيم أو حى الأربعين أثناء الثورة فما كان منظرهم هكذا فى الملعب أمام جنوب أفريقيا، لم يشعر أحدهم بحاجة المصريين إلى شىء أبعد من النقاط الثلاث، أنت أمام فريق لم يقتنع بعد أن الثورة نجحت، فريق فقد إحساسه بالموسيقى التى يحتاجها الجمهور الذى يبحث عن الانسجام والنظام والدقة التى يفتقدها الشارع حاليا، أمام فريق شاخ فى يوم وليلة فى وقت كان ينبغى فيه أن يكون أكثر نضارة، ولكنه أراد - يقصد أو لا يقصد - أن يعاقب الناس، حسن شحاتة فكر مثل مبارك فى الاستقرار والاعتماد على أهل الثقة، يحب فلانا ويتفاءل بعلان ولا يستريح لترتان، رفض تخفيض راتبه بعد الثورة، هاجم المتظاهرين، ومع هذا فشل فى الوصول إلى المركز الثانى الذى قد يعطى أملا غامضا فى مجموعة ضعيفة، المباراة الأخيرة أسدلت الستار على طريقة فى التفكير فيما يتعلق بكرة القدم، ولكنها موجودة فى أماكن أخرى مثل الصحف القومية والتليفزيون والبنوك ومعظم الوزارات، ورغم الحزن الشديد على ما آل إليه الفريق توجد سعادة خفية أن المشهد الكروى فى طريقه إلى التغيير، وأن مصر باستطاعتها أن تلعب أفضل فى المستقبل، بشرط أن تتحرر من نجوم الأفيش القدامى، ولأنه لن يكون للعب طعم فى ظل وجود زاهر وشوبير وشلبى وما إلى ذلك من الذين كانوا يلعبون لحساب سلطة أطاحت الثورة بها.