هل تغيرت الأوضاع فى مصر بعد الثورة؟ هل كانت الأحلام التى خرجنا من أجل تحقيقها مجرد سراب سرعان ما كشف عن صحراء من الوعود والبيروقراطية لا أكثر ولا أقل؟ هل شاركنا فى ثورة شعبية لتتسلمها وجوه جديدة لا تغير من الواقع على الأرض شيئا سوى المسميات؟
هذه الأسئلة وغيرها هى ما يدور فى ذهنى الآن، وأثق أنها تدور فى أذهان الكثيرين، فما دام الفقر على حاله والعيش يصعب على أغلبية الشعب المطحون، ومادام هناك مصريون يفتشون فى صناديق القمامة بحثا عما يسد الجوع، أو ينتحرون لأنهم لا يستطيعون إطعام أبنائهم، فكل ما أنجزناه خلال الشهور الأربعة الماضية رغم روعته وعظمته باطل الأباطيل وقبض الريح.
أريد أن يدلنى أحد العقلاء الراشدين عما يعنيه تصرف المواطن الشريف "جميل"، بعد أن أقدم على التخلص من حياته لأنه أيقن أنه لن يستطيع توفير الطعام لأسرته؟
"جميل" (41 عاما) رب أسرة لا هدف له إلا السعى على رزقه ورزق عياله، وعلى مدى السنوات الماضية بذل كل ما فى وسعه من أجل هذه الغاية البسيطة التى ترتفع إلى مستوى الحق فى الحياة، عمل فى أكثر من مهنة فى وقت واحد، كدح كدحا وتعب حتى ضج منه التعب، ورغم ذلك كانت الحياة أقسى والجوع غالبا عليه وعلى أسرته، حتى تعمق شعوره بالعجز والضآلة، ولم يعد أمامه إلا الهرب من هذه الحياة القاسية.
ربما نفهم أن يكون هذا هو وضع المواطن الشريف "جميل" قبل الثورة، عندما كان الناس ينتحرون حرقا وغرقا وشنقا، تعبيراً عن يأسهم من الحياة، لكن غير المفهوم أو المقبول أن يكون هذا وضعه وظروفه بعد الثورة، وبعد تولى حكومة ثورية إدارة شئون البلاد، وإلا فماذا تعنى ثورة يناير الشعبية؟ ماذا يعنى الإطاحة بالحكم الفاسد الظالم؟ ماذا يعنى القضاء على الفساد؟ ماذا يعنى الانحياز للناس، للشعب، للأغلبية التى تعيش تحت خط الفقر؟
هل ما قمنا به وشاركنا فيه كان مجرد كلام؟ مجرد أوهام لا تؤدى إلا إلى تغيير الوجوه مع بقاء النظام وطريقة الإدارة التى تفقر الإنسان، وتدفعه إلى اليأس من الحياة؟ هل ما قمنا به وشاركنا فيه يؤدى إلى استمرار الأوضاع المؤدية إلى يأس الناس؟ إذا لم يكن عند هذه الحكومة إجابات فعليها أن ترحل فورا قبل أن يحرق الناس أنفسهم أمام مجلس الشعب وفى ميدان التحرير، كما كانوا يفعلون فى عهد مبارك.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة