أعود إلى ما ذكرته أمس الأول إلى ما اعتبرته استعلاء من جماعة الإخوان المسلمين على باقى القوى السياسية، لأقول إن الجماعة فى طريقها لممارسة استعلاء من نوع جديد يتعلق برؤيتهم لتاريخ مصر، والشاهد ما قاله المرشد العام للجماعة الدكتور محمد بديع فى رسالته الأسبوعية الأخيرة.
قال بديع: «إنه بعد كل تنكيل بالإخوان كان هناك انتقام إلهى، فعقب اعتقالات الإخوان فى عام 1954 كانت هزيمة 1956، وعقب اعتقالات 1965 كانت الهزيمة الساحقة فى عام 1967، وفى مصر مبارك تعرض الإخوان للاعتقالات والسجن والمحاكمات العسكرية الظالمة فكان سقوط النظام بأكمله».
أوقف بديع تاريخ مصر عندما حدث للإخوان، وعلى عكس وثائق أجهزة المخابرات الغربية والإسرائيلية، التى اعتبرت أن العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 كان نصرا كبيرا لمصر، يلغى هو التاريخ بجرة قلم ويعتبره هزيمة، وإذا كانت هزيمة يونية 1967 قد جاءت لأخطاء سياسية وعسكرية، يتجاهلها هو ويعتبر أن اعتقالات الإخوان فى عام 1965 هى السبب، وبينما كان الشعب المصرى كله يعيش تحت ظلم حكم مبارك، رأى أن الاضطهاد الذى وقع على الإخوان هو سبب زوال عرش مبارك.
لم يتحدث بديع عن نكبة العرب الكبرى عام 1948، والتى شهدت إعلان دولة إسرائيل، واحتلال فلسطين، وعما إذا كانت هى الأخرى انتقاما إلهيا بسبب ما تعرض له الإخوان أيضا على أيدى النظام الملكى قبل ثورة يوليو.
كلام بديع هو اختصار مخل لتاريخ الشعب المصرى بكل فئاته، كما أنه يخضع لقراءات خاطئة، وقبل سنوات قيل إن الجماعة بصدد إعادة كتابة تاريخ مصر عبر مؤرخين منها، فهل ما ذكره هو انتاج لذلك؟.
وإذا كان الحديث عن استعلاء الإخوان مع القوى السياسية الأخرى، يخضع لمناورات وتكتيكات، تعبر عن ميزان قوى، فإن الشعور بالقوة يجب ألا يمتد إلى العبث فى حقائق التاريخ والاستعلاء عليها، وأهمس فى أذن المرشد قائلا: ألا يحق بمقتضى قولك، أن يقول اليساريون والليبراليون، إن ما حدث لمصر فى الماضى هو انتقام إلهى لما حدث لهم أيضا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة