أكرم القصاص

السياسيون الجدد.. وعقدة مبارك

الثلاثاء، 14 يونيو 2011 08:17 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان من الطبيعى بعد سقوط النظام ممثلا فى مبارك والحزب الوطنى ولجنة السياسات وأمن الدولة، أن تظهر حركات سياسية تمتلك القدرة على طرح بديل، وتقديم مبادرات سياسية تعيد تشكيل التنظيم السياسى، بما يسمح بمشاركة الأغلبية، لكن ما جرى هو مزيد من الانكماش للحركات النشيطة التى ساهمت فى خلق حالة الحراك السياسى. ما حدث أن الحركات التى كانت تعارض مبارك ونظامه وتسعى لتغييره فقدت بريقها هى الأخرى. كما أن الفيس بوك والإنترنت استمرا مجالا للحديث العام والمعارك، وكأن كل مجموعة أصبحت تبحث لها عن خصم تعارضه بديلا لمبارك، حتى لو كان هذا الخصم يقف فى المنطقة نفسها.

ثم إن الذين كانوا يعارضون مبارك ما يزالون فى أماكنهم من هذه المعارضة، لم يتجاوزوا تلك المرحلة إلى مرحلة أخرى، بل يبدو أحيانا أنهم كانوا يستمدون قوتهم من نظام يعارضونه، فلما سقط سقطوا معه، أو كأن هؤلاء كانوا يطالبون بسقوط شخص، وليس بتغيير نظام أصاب الحياة السياسية بالجمود والعجز.

ومع أن الحركات السياسية كانت ترى الأحزاب المعارضة ضعيفة وعاجزة، فإنها بعد أن أصبحت فى مكانها بدت هى الأخرى عاجزة، أو توزعت إلى ائتلافات وتنظيمات كثيرة وواهنة، يمثل حاصل جمعها صفرا أو أكبر قليلا.

من ميزات الثورات التى تقوم بها تنظيمات ثورية أن هذه التنظيمات تكون لديها تصورات، وخطط لشكل الدولة، وبعد الفوز تبدأ فى تنفيذها. ما جرى عندنا أن التيارات المختلفة التى تقول إنها سعت للثورة، لم تقدم أى تصورات، وبدا أنها كانت تعارض مبارك فقط وليس النظام، وكل من ظهر حتى الآن هم نجوم الكلام، والمتحدثون فى الفضائيات والمؤتمرات ممن يتعاملون مع الشارع بنفس التجاهل الذى كانوا ينتقدون به النظام السابق، فيما بدا أنهم حتى الآن ما يزالون يعيشون عقدة مبارك ونظامه، دون أن يمتلك أى منهم القدرة على صنع البديل، فقط تختفى الفوارق بين التيارات السياسية، فلا تعرف اليمين من اليسار.

ويمكن تفسير جزء من هذا فى استمرار تأثير نظام متسلط لعقود، طبع الجميع بطابعه، لكن أيضا من الصعب التمييز بين الحقيقى والمزيف من بين زعماء السياسة الجدد الذين يعانون العزلة أو ينعزلون عن جمهورهم، مثلما كان يفعل النظام السابق والحزب الوطنى، أو على الأكثر يقدمون ما كان يقدمه من كلام فى مؤتمرات، وتتداخل لديهم السياسة بالخطاب الذى يبقى منفصلا عن الناس.

لقد كان نظام مبارك يتجاهل الأغلبية، برغم أنه كان يتحدث باسمها، وها هم السياسيون الجدد يمارسون نفس الدور بصورة أخرى، وما زالوا يعانون من عقدة مبارك.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة