إسرائيل تعيش حالة من القلق والرعب فى ظل ثورات الربيع العربى والتغيير الشامل الذى تشهده المنطقة العربية وزوال أنظمة ورؤساء كانت تعتبرهم تل أبيب «الكنز الاستراتيجى» الذى كان يحقق لها أهدافها فى الحفاظ على تواجدها واستمرارها فى احتلال الأراضى العربية وتأمين المظلة السياسية لعدوانها المستمر على الشعب الفلسطينى.
الرعب الأكبر الذى تعيشه إسرائيل تتسبب فيه ثورة يناير المصرية التى بلا شك ستؤدى الى انقلاب فى موازين القوى والمعادلات السياسية فى المنطقة، ورسم خريطة تحالفات جديدة فى غير صالح دولة الكيان الصهيونى. فإسرائيل تستشعر أن التغيير فى مصر ليس فى صالحها بكل تأكيد، بل إن هناك يقينا بأن ما يحدث الآن- رغم أن الثورة مازالت فى بدايتها- يدفع إسرائيل إلى إعادة التفكير وتوظيف كل أوراق الضغط والابتزاز لكبح جماع ثورة مصر، خاصة بعد إنهاء الخلاف بين فتح وحماس وتوقيع اتفاقية المصالحة بينهما، وتبعه قرار مصر الثورة بفتح معبر رفح بشكل دائم أمام الشعب الفلسطينى الذى كان محاصرا فى قطاع غزة بمساعدة «الكنز الاستراتيجى» الذى فقدته، وهو المصطلح الذى أطلقته إسرائيل على صديقها الرئيس المخلوع حسنى مبارك.
ويأتى الكشف عن عملية القبض على ضابط الموساد الإسرائيلى فى قلب القاهرة دليلا على الرعب الذى تعيشه تل أبيب، ويعكس فى الوقت ذاته مدى كفاءة وقوة جهاز المخابرات المصرية. ففى أقل من 4 شهور ومنذ 25 يناير يتم الكشف عن عملاء وجواسيس لإسرائيل جاءوا للرصد وجمع المعلومات ومحاولة إحداث الفتنة بين طوائف الشعب، وإحداث الوقيعة بين الجيش والشعب، كما ذكرت نيابة أمن الدولة العليا فى التحقيقات المبدئية. ورغم كل عمليات التجسس التى قامت بها إسرائيل بعد اتفاقية كامب ديفيد عام 79 فإن عملية التجسس الأخيرة والقبض على ضابط الموساد «إيلان» هى الضربة الأقوى لجهاز الموساد الإسرائيلى الذى ظن أن الانفلات الأمنى بعد الثورة فرصة لبعثات التجسس فى مصر. فقد تعاملت المخابرات المصرية، كما قال الخبير العسكرى اللواء سامح سيف اليزل، بكفاءة عالية، وهى المرة الأولى التى تتمكن فيها المخابرات من إلقاء القبض على جاسوس إسرائيلى على هذه الدرجة من الأهمية منذ 50 عاما.