شخص يكره تلك الثورة هو الذى أقنع الناس بأن كل شىء لابد أن يتم فى يوم وليلة، شخص يكره تلك الثورة هو الذى خلق الصراع على المادة الثانية من الدستور وشغل الناس بالعلاوات وتغيير اسم محطة مبارك فى المترو وبالانفلات الأمنى وتمويل الأحزاب الجديدة، شخص يكره تلك الثورة يريد إلهاء شعب مصر عن الجرى خلف المطلب الأهم والرئيسى وهو بناء دستور قوى يضمن إقامة حياة سياسية سليمة تصلح نفسها بنفسها فيما بعد.
نسير فى الطريق نحو المستقبل بلا رؤية واضحة بسبب شبكة الضباب، التى خلقوها بتفجير تلك القضايا الجانبية، الضباب موجود لأن النخبة المصرية ونخبة الثورة الشابة انشغلت بالظهور على الفضائيات وإلقاء تحليلات سياسية ساذجة على مسامع البسطاء عن المرشحين المحتملين للرئاسة دون أن يدروا أنهم يشاركون فى ترسيخ فكرة البحث عن الفرد المنقذ فى أذهان الناس أو عن الفرعون القادم للجلوس على عرش مصر، انظر إلى الحرب الدائرة على الساحة وذلك الصراع المحموم على شخص الرئيس الجديد بين أنصار البرادعى وعمرو موسى وأيمن نور وصباحى أو البحث عن اسم مرشح الإخوان الخفى، انظر إلى هؤلاء الذين يتحدثون إليك، وهم مفزعون من فكرة عدم ظهور شخص يستحق كرسى الرئاسة وقيامهم بعمليات بحث متكررة عن أى اسم بين ركام الأبحاث الأكاديمية أو المعارك السياسية لتنظيفه وتلميعه من أجل الانتخابات المقبلة، انظر إليهم وهم يبحثون فى حيرة الكفار، وهم ينظرون إلى السماء بحثا عن ذلك الإله الذى أخبرهم الأنبياء عنه.. انظر وتأمل وستشعر بالخوف!
للأسف سقط بعض رجال النخبة فى ذلك الفخ وجروا خلفهم الآلاف من البسطاء، الذين لم ترحمهم وسائل إعلام النظام السابق من زرع فكرة فرعون السلطة وقدرته على قيادة السفينة إلى بر الأمان داخل عقولهم، سقطوا وبدلا من أن يعلموا الناس أن الدستور والقانون هما الكافل الحقيقى لمستقبل أبيض وأمان لهذا الوطن جعلوهم يتعاركون حول الأسماء بحثا عن الفرعون الجديد القادم، وينظرون للسماء بدعوات تتمنى أن يكون فقط أفضل من سابقه.
لا تخشى يا سيدى كلام هؤلاء عن ضياع الثورة، فالثورة لا تضيع لأن الدماء التى سالت على الأرض لإشعالها لم تكن صلصلة طماطم أو «كاتشاب»، الثورة لا تضيع لأن الذين ذاقوا حلاوة تقرير المصير لا يمكن أن يتراجعوا، ولكن للأسف الثورة يمكن سرقتها.. وثورتنا هذه عليها ألف عين وعين فلا تدعوا أحد يصرفنا عن حمايتها بمعارك جانبية، وتعالوا نجلس على باب الحكومة والمجلس العسكرى، ونستعد لثورة أخرى إن لم نحصل على الدستور الذى نريد والذى يمنحنا أملا فى دولة مدنية ديمقراطية، الكلمة العليا فيها للقانون لا للأشخاص.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة