أكرم القصاص

الذين عينوا أنفسهم "مصر"

الخميس، 16 يونيو 2011 08:44 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثير ممن ظهروا فى الصورة الآن للحديث باسم الثورة، يتصرفون مثلما كان يفعل نظام مبارك والحزب الوطنى، يعتبرون أى انتقاد لهم أو لتصرفاتهم أو آرائهم، انتقادا للثورة، مثلما كان يفعل نظام مبارك وصحفه وإعلامه، عندما كان يعتبر أى انتقاد لسياسات مبارك أو قراراته إساءة لمصر.. إنهم الانتهازيون الجدد الذين عينوا أنفسهم "مصر".

يبدأ الواحد منهم حديثه منطلقا من يقين مطلق فيقول: إننا فى منعطف خطير والأوضاع تحتاج إلى نظرة ثاقبة من أجل المستقبل وهى مقدمة إنشائية تعرف "الماء بالماء" سرعان ما يندمج أخونا فى وصلة من الكلام الذى بلا معنى.

من أجل أن يبدو ثوريا عليه أن يكرر فى حديثه كلمه "الثورة" عشر مرات، ودم الشهداء عشر مرات، ويهاجم الفلول والنظام السابق والثورة المضادة.

ثم يبدأ كلامه الذى يفترض فيه أن يقدم جديدا، وتبحث عن فرق بينه وبين النظام السابق، فإذا بأخينا المتحدث الرسمى يتصرف تماما مثلما كان النظام السابق يفعل، فهو يعتبر نفسه الثورة وما عداه الفلول، ويعتبر نفسه "مصر"، وأى انتقاد له أو اختلاف إنما هو اختلاف مع "مصر" وهو عين ما كان يفعله نظام مبارك فى مواجهه أى نقد.

لا يكفى أن يتحدث الشخص عن الثورة والشهداء ليكون ثوريا، وكثيرون ممن عينوا أنفسهم "مصر" لا يختلفون كثيرا عن نظام المبارك فى كونهم يقصون غيرهم ويرفضون الاختلاف، يفتقدون إلى التسامح، ويمارسون نفس الاستبعاد والتجاهل، وبعضهم يمارس نوعا من الوصاية على الناس، ويعتبر نفسه الفاهم الأوحد والوحيد.

وسط الزحام الذى يملأ الأجواء اختفى هؤلاء الذين يجب أن يظهروا، وصمت هؤلاء الذين يجب أن يتحدثوا، اختفى العلماء والخبراء، وحل محلهم من يجيد الكلام، وليس بالضرورة أن يكون الأكثر قدرة على الكلام هو الأقدر على العمل.

منذ شهور نشاهد ونتفرج على مؤتمرات وبرامج وسهرات، تناقش كل القضايا، تتحدث عن المستقبل والدستور والانتخابات، لكنها فى الواقع لم تخرج عن مجرد لمس القضية، بعدها تتدخل فى مناوشات ومناظرات، يجب أن يختلف الناس فيها وحولها.

ويحضرنى مشهد من رواية موسم الهجرة إلى الشمال للروائى السودانى الطيب صالح كان يصف أحد أقاربه الذى كان يتعرض للخداع طوال الوقت وأشار إليه قائلا "هل هذا هو الشعب الذى يتحدثون باسمه فى البرلمان ويصدرون باسمه القوانين؟".

الحالة الآن "توك شو" كلام كثير عن الدستور، وعن الشعب، وعن الجمهور، والنزول للشارع، تدور أغلبها بعيدا عن هؤلاء الذين يتحدثون باسمهم، بدعوى أن الشعب "مش عارف مصلحته" ومخدوع من الدعاية، ولا ينتاب هؤلاء أى شك فى احتمالات أن يكون هؤلاء أنفسهم يمارسون الخداع.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة