فى زمن ما قبل 25 يناير هذا العام كان أى معد لبرنامج تليفزيونى، يعتبر مجرد وجود وجوه وأسماء بعينها فى أى لقاء يُعده، كفيلا بأن يكون ناجحا بشكل جماهيرى ولافتا للنظر الإعلامى، ذلك لأن هذه الأسماء من الضيوف تصنع حالة من الجدل والحراك الوهمى فى مجتمع يعانى من التصلب الشريانى، إن جاز التعبير.
أسماء ووجوه كانت تخرج علينا بمقولات ومواقف أقرب إلى الدرامية أو الكوميدية مما يجعلنا كمشاهدين نتنفس معهم الصعداء سواء وافقناهم أو اختلفنا معهم، ولكنهم على كل حال كانوا جاذبين للضوء، وبالتالى للمشاهدة.
وحين يأتى شهر رمضان كانت هذه الوجوه هى التى تتولى بطولة المشهد البرامجى الرمضانى على مختلف المحطات التليفزيونية ومختلف نوعيات البرامج، ومن هذه الوجوه، على سبيل المثال لا الحصر، طلعت السادات ومرتضى منصور وجمال البنا وخالد الجندى ونبيه الوحش ونجيب جبرائيل وآخرون على شاكلتهم ممن يجيدون صنع الفرقعة الإعلامية بتصريحات وخلافات تستغرق الناس ضحكاً أو وهماً، لأننا كما سبق وأشرت، كنا فى مجتمع يعانى من تصلب وأكسدة عقلية لا أمل فيه لحراك إلا حراكا تليفزيونيا مصنوعا.
وقد تصورت خطأً بعد الثورة أن فرص هذه الوجوه فى الظهور ستتضاءل لأن زمن الهزل التليفزيونى يجب أن ينقضى كما يجب أن ينقضى زمن الهزل فى أى شىء، لأننا فى مرحلة فاصلة إما أن نكون أو لا نكون!!! ولكن يبدو أنى كنت مخطئة فى ظنى، فأصحاب هذه الوجوه مازالوا كما كانوا بل أضافوا لأفعالهم وتصريحاتهم بعداً أكبر وعجباً أكثر حتى لايفقدوا مكانتهم الدرامية فى مشهد السيولة الإعلامية والسياسية والدينية وغيرها من المشاهد اللامتناهية التى صرنا نعيشها.. مرتضى منصور مرشح للرئاسة! وطلعت السادات رئيس حزب ويعرض على القطريين الانضمام له فى رحلة لقطر!
نبيه الوحش يترافع عن ضباط متهمين بقتل المتظاهرين! وطبعا لا مجال لسرد حكايات ومواقف وجوه نجوم الخطاب الدينى والرياضى.. هزلٌ فى زمن يجب ألا يُسمح فيه بالهزل، ومن يفعل فعلينا ألا نسامحه أبداً.
استطاعت الثورة والمزاج العام لدى المصريين والأزمة الاقتصادية أن يغيروا معاً خريطة رمضان الدرامية بنجومها المعتادين مثل الفخرانى ويسرا ونادية الجندى ونور الشريف، ولكن يبدو أنهم -مجتمعين- لن يستطيعوا تغيير الخريطة المعتادة.