من المفترض أن يجتمع اليوم الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء مع الأحزاب والحركات السياسية التى تطالب بإعداد دستور جديد أولا قبل إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية لحسم الجدل الذى بدا يتصاعد مؤخرا «الدستور أولا أم الانتخابات».
المنادون بالدستور أولا من الحركات والائتلافات السياسية الجديدة والأحزاب يتزايد عددهم ويبقى الإخوان المسلمين -الجماعة والحزب- والتيارات الدينية الأخرى هى المتمسكة والمتعجلة لإجراء الانتخابات البرلمانية قبل إعداد الدستور، وهو ما يضعها فى مواجهة جموع القوى السياسية الجديدة والقديمة وبالتالى يثار حول موقفها المنفرد تساؤلات كثيرة.
فلماذا تتعجل الجماعة الانتخابات؟ وهل يضيرها إعداد دستور جديد أولا قبل الانتخابات؟ هل هى المصلحة السياسية للجماعة دون النظر للمصلحة الوطنية العليا والمطلب الشعبى بالدستور الجديد؟
الدستور هو الأصل فى تحديد شكل الدولة السياسى وشكل مؤسساتها وتنظيماتها المختلفة، وهو الضامن والحامى للشعب بعد الثورة من هوى أى برلمان قادم قد لا يعبر بصورة واقعية عن واقع التغيير الذى حدث فى مصر بعد 25 يناير، وهو المحدد أيضا لسلطات الرئيس القادم.
جماعة الإخوان تبرر تمسكها بمطلب الانتخابات أولا بالإرادة الشعبية التى أفرزها الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وهو كلام مردود عليه فالإعلان الدستورى بعدها والذى جاء شاملا فى 65 مادة أسقط التعديلات تلقائيا وفقا للقاعدة القانونية المعروفة أن «الجديد ينسخ القديم»، وهو ما ذكره المستشار جميل صبحى برسوم رئيس محكمة الاستئناف، بالتالى فالاستفتاء على هذه التعديلات جاء باطلا لوروده على تعديلات ملغاة.
الإخوان يبررون موقفهم أيضا بفزاعة الفراغ السياسى الذى تعيشه مصر حاليا - من وجهة نظرهم بالطبع - والبلاد فى حاجة للاستقرار السريع، وتناسوا أنه حتى لوحدثت الانتخابات فسيظل المجلس العسكرى حاكما حتى نهاية العام المقبل انتظارا لإعداد الدستور ثم إجراء الانتخابات الرئاسية واختيار الرئيس الجديد.
الأمر الآخر أن الوضع الأمنى لا يسمح بإجراء الانتخابات البرلمانية فى ظل وجود 500 ألف بلطجى مع فلول الحزب الوطنى المنحل، علاوة على أن القضاة لم يحسم أمرهم حتى الآن فى الإشراف والاستقلال والحماية الأمنية، والحركات والأحزاب السياسية الجديدة تحتاج إلى وقت لتأسيس تنظيماتها وهياكلها فى المحافظات، حتى تكون مستعدة للمنافسة مع جماعة تظن أنها أكثر تنظيما وانتشارا واستعدادا.
الانتخابات تحتاج إلى «وقت إضافى» ويبدو أن الرياح القادمة سوف تأتى بما لا يشتهيه الإخوان.