عاد العالم المصرى الدكتور أحمد زويل إلى مصر، وعاد الحديث عن مدينته العلمية. وفى كل مرة يظهر زويل نتذكر كلمته المهمة عن النجاح.. عندما سألوه عن سر نجاحه العلمى، الذى استحق عنه «نوبل»، قال: إن وراء هذا النجاح الحرص على العمل كفريق. إن غياب روح الفريق فى كثير من الأعمال العربية سبب رئيسى لمحدودية الإنجاز. فتش عن الفريق الغائب والأنانية المفرطة تعرف لماذا نعجز عن إقامة نظام سياسى أو اجتماعى أو علمى.
زويل حرص كثيرا على التأكيد أنه عالم يقود فريقا من العلماء. يعرف كل منهم دوره، والإنجاز ينسب له، وبنفس الطريقة ينسب للفريق. ويرى أيضا أننا ربما يمكن أن يكون لدينا علماء وباحثون موهوبون، لكن ليس عندنا روح الفريق.
مشروع زويل القومى للعلوم والتكنولوجيا، الذى وافقت الحكومة عليه يعنى بتطوير البحث العلمى . مدينة على 270 فدانا، بتكلفة مبدأية مليار دولار توفرها مؤسسات عربية ودولية.. ويدار من خلال مجلس أمناء، يضم شخصيات مصرية وعالمية معروفة بالتعاون مع الحكومة المصرية.
مشروع زويل مهمته نقل فكرة التقدم العلمى، والاعتماد على الموهوبين والمتفوقين والعباقرة بعد اكتشافهم. فكرة المدينة العلمية التى أعلنها زويل لاتكتفى فقط بجمع العلماء والباحثين. لكنها تبنى طريقة تفكير علمية. وتصورت البيروقراطية العتيدة فى عهد مبارك أن المدينة تضر دورهم فى الدجل والشعوذة، فمارسوا سياستهم الأثيرة «التطفيش» رحبوا به علناً، وفى السر وضعوا العراقيل. لقد كان تحالف السياسة والثروة فى مصر خلال سنوات يرفض العمل الجماعى ويحاربه، ويعتبره خطرا.
والدكتور أحمد زويل نفسه لم يتورط فى دعوات ساذجة، طالبته بترشيح نفسه فى انتخابات الرئاسة، مع أن الرجل عالم وليس سياسياً .. لدينا زويل واحد وعدد محدود من العلماء، بينما هناك مئات السياسيين والمتحذلقين يتقافزون من حولنا.
كان زويل ذكيا وهو يختار الابتعاد عن عالم السياسة والرئاسة، على عكس كثير من المهووسين، الذين صدقوا أنفسهم فى التوك شو، وقرروا أن يدخلوا السباق . بدلا من أن يعمل كل واحد فى مهنته.
نجاح مدينة زويل أو غيرها من المشروعات القومية، لن يتحقق فقط بجمع عدد كبير من العلماء، مثلما تفعل النوادى بشراء لاعبين موهوبين تضعهم على الرف، وإنما النجاح بالفريق، ومعرفة كل فرد أن قدراته محدودة، وأن العمل فى فريق لا يعنى تجاهل الخصوصية الفردية، أو طمس الإنجاز الفردى، وإنما يبقى بروز الفرد الأكبر من خلال الفريق. وأهم ما يمكن أن تنجزه أى ثورة، هى إعادة الثقة للأفراد فى أنفسهم، وإعادة تنظيم الناس فى فرق وجماعات، يمكنها أن تعمل وتحقق الإنجاز.
لكن مانراه هو أفراد، يمكن أن يكونوا جيدين، لكنهم يظلون أفرادا، فإذا انتظموا فى فرق، يمكنهم تحقيق الانتصار. هل يتعلم زعماء الائتلافات الكثيرة من درس زويل. قبل أن تطلع روح الفريق؟!