تعرضت الحركة الإسلامية فى عهد الرئيس مبارك لعسف شديد وقهر لا حدود له ما بين اعتقال وتعذيب وتشريد ومحاربة فى الأرزاق والأقوات حتى بلغ عدد المعتقلين من أبناء الجماعة الإسلامية وحدها فى عهده قرابة 50 ألف معتقل.. بعضهم مكث فى الاعتقال دون حكم قرابة عشرين عاما، وبعضهم حصل على 45 حكما قضائيا بالإفراج ولم يُنفذ واحد منها.
واليوم تنعم الحركة الإسلامية بالأمن والأمان وحرية الدعوة والحركة، وينتقل دعاتها من الإسكندرية إلى أسوان لا يخافون إلا الله ولا يتوجسون من أحد.
وهذه القدرة تستلزم من الإسلاميين أن يدفعوا زكاتها، فلكل شىء زكاة.. فالمال له زكاة إذا بلغ النصاب.. أما زكاة القدرة فهى العفو والصفح والتسامح وخفض الجناح وعدم الاستطالة على الآخرين والإحسان إلى الخلق جميعا وعدم التعالى على من يخالف فى الرأى أو الفكر أو الاعتقاد.
فقد بلغت الحركة الإسلامية النصاب، فإذا لم تدفع الزكاة أزال الله عنها هذه السعة، وإذا تعالت على الناس أو رأت نفسها أفضل من عوام الناس أو هضمتهم حقهم أو تكبرت عليهم نزع الله عنها هذه الميزات وأعادها إلى المعتقلات مرة أخرى لتثوب إلى رشدها من جديد.
فالمجتمع المصرى متدين بطبعه وفطرته، وفيه من الصالحين والمحسنين والعابدين والذاكرين الكثير والكثير خارج إطار الحركة الإسلامية.
وإذا اصطدمنا بهذا المجتمع أو عاملناه باستعلاء أو ظننا أننا أكثر منه إيمانا وحبا للإسلام فقدنا الرصيد الاستراتيجى الدائم الذى يحمينا ويدافع عنا ويقف خلفنا فى كل المحن والأزمات.
يا أيها الإسلاميون: اعدلوا مع الناس فقد ذقتم الظلم، ومن ذاق طعم الظلم عرف قيمة العدل، وكونوا كالشجرة المثمرة إذا رماها الناس بالحجر رمتهم بالثمر.
لا تتكبروا على الناس، خاصة من يخالفكم الرأى أو الفكر، بحجة الاستعلاء بالإيمان، فهناك فرق بين الاستعلاء بالإيمان والفكرة الإسلامية وبين العلو بالذات والتكبر على الخلق، وبعضنا يخلط بين الأمرين.
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - كان مستعليا بإيمانه ولكنه جلس على الأرض وأعطى الوسادة لعدى بن حاتم الطائى - وكان وقتها نصرانيا - ليجلس عليها، رغم أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن رسولا فقط، ولكنه كان رئيسا للدولة.
وإياكم أن تغركم الجموع الكثيرة التى تحضر المؤتمرات الإسلامية، فهذا يدعونا إلى الانكسار لله والتواضع للجميع، وأن نكرر ما فعله الشعراوى حينما قام بمسح دورة مياه مسجد الجزائر الكبير عندما علم أن شوارع الجزائر العاصمة قد أغلقت من كثرة الحاضرين لمحاضرته هناك، فلما سئل عن ذلك قال: «أتواضع لربى وأشكره، وحتى لا يأخذنى الغرور والعُجب».
أحسنوا إلى الجميع.. إلى المسلم وغير المسلم، والطائع والعاصى، والمحسن والمسىء، ولا تغتروا بجمعكم، ولا تتباهوا على الآخرين بطاعتكم، ولا تحتقروا أى إنسان حتى ولو كان عاصيا، فمن الخير أن تبيت عاصيا وتصبح نادما، لا أن تبيت قائما وتصبح معجبا متكبرا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة