بدأت محاكمة المخلوع التونسى زين العابدين بن على، قبل محاكمة حسنى مبارك وعلى عبدالله صالح، وهذا طبيعى لأنه بحكم الأقدمية يسبق مبارك وصالح فى الخلع، والطريف أن أولى القضايا الـ93 التى يحاكم فيها «بن على»، قضية تتعلق بالعثور على مبالغ مالية ضخمة وأسلحة ومخدرات فى القصور الرئاسية بتونس، الأمر الذى يعطينا تصورا أن الرجل، كأى رئيس جمهورية من العالم الثالث «حتى لا أظلم العرب وحدهم»، كان يعمل باجتهاد لإسعاد نفسه حتى يتمكن من إسعاد شعبه الحبيب.
ويبدو أن «بن على» مكتوب له أن يسبق كل المخلوعين العرب الآخرين، فقد كان طبعا أول مخلوع وأول خالع من البلد وأول رئيس مخلوع تتم محاكمته، كما أنه أيضا أولا مخلوع وخالع من البلد ينفى «خلعانه» ببجاحة يحسد عليها، فقد وجه بن على خطابا من جدة عبر محاميه، إلى «شعبه الحبيب» والقاضى الحبيب الذى يحاكمه، قال فيه: إنه لم يهرب من تونس، ولا من مواجهة أبناء شعبه وأن المتآمرين يحاولون إخفاء عجزهم عن إدارة البلاد أثناء خلعانه بالترويج لشائعة هروبه، وأنه يؤكد وينوه ويشدد على أنه خرج من البلد حتى يجنب الفرقاء الأحباء من أبناء شعبه الحبيب الحروب الأهلية والمذابح والخصام!.
نفهم من الكلام يا جماعة الخير أن بن على لم يهرب بحسب خطابه الرسمى الذى ألقاه على محاميه اللبنانى، وأن المواطن التونسى الثائر كان يكذب وهو يصيح فى غمرة الثورة «بن على هرب» فلا يصح أن تصدقوا مواطنا وتكذبوا رئيسا حتى لو كان مخلوعا، كما لا يصح أن تصدقوا شائعات سويسرا عن وجود أموال وذهب وياقوت وعقارات بحوزة رئيسنا المخلوع، وتكذبوا بيانه الذى ألقاه على مسامعنا بالفضائية الشهيرة، مؤكدا ومشددا على عدم امتلاكه أى أموال فى الخارج!، هل نصدق سويسرا أو غيرها من الدول الغربية الكافرة ونكذب مخلوعنا الذى يحاصرنا فى شرم الشيخ، ألم تفكروا فى مغزى ودلالة ومعنى أن لجان جرد القصور الرئاسية عندنا لم تجد لا أموال مكدسة، ولا مخدرات أوأسلحة، ولم تجد حتى أى تحف أو هدايا أو آثار مما كان موجودا فى تلك القصور؟ أليس ذلك دليلا على نزاهة وشفافية و«نظافة» مخلوعنا ونظامه، ألم يحن الوقت بعد، حتى يختشى الغوغاء عندنا على دمهم ويعرفوا الفرق بين القصور الرئاسية المصرية ونظيرتها العربية؟، فلو كان مخلوعنا مثل غيره لوجدوا المخدرات والأسلحة والأموال عنده، ولقامت حرب أهلية ونزاعات ودخلت البلاد فى فوضى، لكن حتى تعرفوا الفرق بينه وبين نظرائه المخلوعين، حتى قبل القبض على حسين سالم أو بعده، وعلى رأى أولاد البلد الذين يعيشون تحت خط الفقر «اللى راح راح.. زغرطى يا انشراح».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة