من لندن إلى مدريد، قد تكون النهاية متشابهة، والمصير الغامض واحدا، لقصص تجارة السلاح واللعب مع السلطة وإسرائيل.
لن تكون مفاجأة إذا سمعنا أو قرأنا فى الأيام المقبلة عن اختفاء أو مقتل حسين سالم، مثله مثل قتل على شفيق، والليثى ناصف، وأشرف مروان فى لندن عاصمة الضباب والغموض والاختفاء. حسين سالم الرجل الذى ظل ومازال غامضا، الصندوق الأسود لكثير من الأسرار والألغاز، مفتاح ثروة مبارك وعائلته، صديق الرئيس السابق، وصديق إسرائيل الحميم، وصاحب الملف المشبوه فى توريد الغاز إلى تل أبيب.. رجل بكل هذه المواصفات كيف نتوقع نهايته ومصيره؟!
قد يذهب إلى نفس المصير، ويترك خلفه علامات استفهام ضخمة ومريبة، مثلما كانت أمور كثيرة فى حياته التى لم يعرف الكثير عنها حتى سقوط نظام مبارك، وحتى بعد السقوط مازالت المعلومات تتكشف، ومازال هناك الكثير لا نعرفه، ويبدو أن ما تبقى وهو كثير سيظل مجهولا وغامضا بعدما ظهرت إسرائيل فى الصورة، ومارست ضغوطها لعدم تسليمه إلى مصر.
ظهور إسرائيل يثير الريبة والتوجس، ويبدو أن الأمر لا يتعلق فقط بتسليم سالم إلى مصر، واسترداد ثروته، أو ثروة مبارك الذى يملك مفاتيح الكشف عنها، ولكن الوجه المظلم الآخر مازال غير معلوم، وقد تعلمه تماما إسرائيل، وبالتالى فالمصلحة الوطنية لها أن يختفى سالم بأسراره وغموضه.
عمليات القتل والانتحار الغامضة فى لندن كانت تحمل الأصابع المجهولة ذاتها بغض النظر عن الروايات المتباينة بين القاهرة وتل أبيب فيما بعد، فأشرف مروان وصفه رئيس شعبة المخابرات الإسرائيلية العسكرية، إيلى زعيرا، فى كتابه بالعميل بابل، والرجل الذى «قدم خدمات جليلة للموساد الإسرائيلى فى حرب الغفران»، والنظام السابق فى مصر اعتبره «رأفت هجان» آخر. فى لندن أيضا تم العثور على جثة على شفيق، مدير مكتب المشير عبدالحكيم عامر، فى شقته عام 77 مضروباً بآلة حادة على رأسه، وحتى الآن لم تعرف الحقيقة الكاملة لاختفاء رجل كانت له مكانته فى فترة زمنية معينة، لكنه حاول اقتحام شبكة العنكبوت السوداء فى تجارة السلاح التى لم يبرأ منها الدكتور مروان أيضاً.
مدريد قد تكون عاصمة الغموض والاختفاء أيضا، إذا لم تسع مصر بكل جدية واهتمام إلى استرداد أموال حسين سالم، وتسلمه قبل أن تسبقنا إليه إسرائيل!