كل أبناء جيلى الذين ولدوا فى منتصف الستينيات وبعدها بسنوات قليلة نبتت مشاعرهم الرومانسية على صوت وأغانى عبدالحليم حافظ، وأحبوا «بنت الجيران»، فى الغالب، بأغانى حليم، وأستطيع أن أجزم بأن أغنية «جواب» الشهيرة كانت رسول الغرام ومرسال الهوى من الحبيب المراهق إلى محبوبته.. لم نجد سوى كلمات «حبيبى الغالى من بعد الأشواق أهديك ألف محبة وأشواق وغرام من قلب لا يهدا ولا ينام»، إلى آخر الأغنية المعروفة.
حليم كان الصديق المنقذ دائما للتعبير الصادق عن العواطف الصغيرة فى بزوغها والقلوب المشبوبة فى بدايات الحب، فكل أغنية للعندليب الأسمر لها قصة ولحظة وموقف فى قصص الحب لملايين المراهقين، حليم لم يكن صوتا ننام عليه ونصحو فنحلم بالحبيبة وشعرها «اللى على الخدود يهفهف ويرجع يطير»، بل كان الفتى الفقير الذى اختاره جيل كامل ليكون النموذج فى التعبير عن الحب والثورة والوطن فى مرحلة بالغة الأهمية فى مصر والعالم العربى، كان رمز وصوت هذه المرحلة أيا كان اختلاف البعض معها، كان صوت القلب فى مغامراته العاطفية وصوت الوطن فى مرحلة النهضة ومعاركه فى الاستقلال والبناء.
عبدالحليم فى ذكرى ميلاده - 21 يونيو 1929 - مازال يعيش فى وجداننا، فقد ملأ حياتنا بالبهجة والغناء البديع الجميل، وستظل أغانيه هى المعبر الحقيقى عن المشاعر والأحاسيس الصادقة، فقد غنى كل شىء ورددت معه الملايين كلمات أغانيه - أكثر من 200 أغنية وقصيدة و17 فيلما سينمائيا - فى عشق المحبوبة وعشق الوطن، فرحت لفرحه وحزنت لانكساره ومرضه، فقد اعتبرته الابن والأخ والصديق بملامحه وهيئته الشبيهة لكل المصريين، ولذلك بكاه الملايين فى مصر والعالم العربى عند وفاته فى مارس 77 ولم يكد يبلغ 48 عاما.
بعد رحيله وصفه شيخ علماء الاجتماع الدكتور سيد عويس بأنه «جبرتى الغناء العربى»، وقال عنه الشاعر المبدع نزار قبانى: «إن عبدالحليم حافظ قاد شعبا بصوته».
وبعد رحيله نسج الكثيرون حوله الأساطير فى علاقاته مع السلطة، وتحديدا مع جمال عبدالناصر، وتحدثوا عن عشرات القصص العاطفية التى لو كانت حقيقية لما غنى حليم وأبدع كل هذا الغناء، وحاول البعض احتكاره بعد موته وادعاء أنهم الصناديق السرية لحليم.