نعلم أن مطالب الثورة من الصعب تحقيقها فى يوم وليلة وأن الأمن يحتاج إلى شهور وربما سنوات حتى نصل إلى نظام يحقق العدالة والمساواة والحرية، ومن السذاجة تحميل حكومة الدكتور شرف كل هذه المشكلات التى يرجع بعضها إلى سنوات وعقود، لكن المطلوب من رئيس الوزراء وأيضا من المجلس العسكرى محاولة إغلاق الثغرات التى ينفذ منها الفساد، والقوانين والقواعد التى تحكم العمل الحكومى وتسهل ظهور الفساد بشكل أكثر حدة، هناك الكثير من المهام ينتظر أن يكتمل البنيان التشريعى والتنفيذى والقضائى وتتكون السلطات ويصبح لدينا برلمان وحكومة مسؤولة أمامه.
كانت مطالبنا وقطاعات كثيرة من المجتمع أن نعطى الدكتور شرف وحكومته الفرصة للعمل وأن يحصل على المساندة، وبعد أكثر من 100 يوم لم تعد الصورة كما كانت، انتشرت حالة من التشاؤم فى المجتمع، لاتزال المحليات كما هى بفسادها وعجزها، المجالس المحلية المزورة قائمة، والمحافظون يعملون بنفس الطريقة القديمة، يحرصون على تلميع أنفسهم بالزيارات والافتتاحات، بينما الخدمات الأساسية غائبة، المستشفيات والوحدات الصحية، لاتزال خارج الخدمة المطلوبة، والمرضى الفقراء لا يجدون سبيلا لمواجهة المرض، ومرضى الأمراض المزمنة والخطرة مثل الكبد والكلى والسرطان ضائعون، والمستشفيات المركزية والعامة خالية من الإمكانات، التى تنقذ الضحايا، وهى مهمة للمحافظين، وأيضا للحكومة ممثلة فى وزارة الصحة. الأمر نفسه فى المرور المختنق بكل شوارع المحافظات، ويبدو أزمة بلا حل، والأمر نفسه فى مشكلة القمامة والنظافة والاعتداء على الأراضى الزراعية وأراضى الدولة، وهو عدوان، يبدو أن الحكومة تتجه للتساهل مع المعتدين فيه وتتجاهل آلاف الأفدنة التى تم تبويرها علنا والبناء عليها، الأمر الذى يعطى المعتدين ميزة إضافية فى مواجهة القانون ويجعل استعادة سيادة القانون أمرا صعبا ويظهر الحكومة فى صورة الضعف.
مطلوب من حكومة الدكتور عصام شرف أن تحافظ على ثروات الشعب، ليس فقط باستعادة ما تم نهبه، فهذه مهمة القضاء، لكن أن تسعى لسد الثغرات التى منها الفساد، وتخفض الإنفاق الحكومى، خاصة أن القوانين الحالية والتى سادت فى عصر مبارك كانت تسهل نفاذ الفساد. مطلوب أيضا قواعد للتوظيف تنهى الواسطة والمحسوبية وتوريث الوظائف، خاصة ونحن نرى وزير القوى العاملة أحمد البرعى مشغولا بتلبية مطالب خارجية حول التعدد النقابى، وهو يعلم أنه لا توجد من الأصل كيانات نقابية عمالية ومهنية، ولم يقدم شيئا فى تأكيد شفافية التوظيف وضمانات لعمال القطاع الخاص وكيفية تنفيذ الحد الأدنى للأجور فى القطاع الخاص، وإعادة النظر فى قانون العمل الذى تم التلاعب به لصالح رجال أعمال النظام، لا أحد يطلب المستحيل من الحكومة، لكن المطلوب هو الممكن.. حفظ ثروات الشعب، وفرض سيادة القانون، وتقديم الإجراءات العاجلة لحماية صحة المصريين وحقهم فى العمل.