وفقا للتقرير المنشور فى «اليوم السابع» فإن المجلس العسكرى يستحق التحية، لأنه رفض مشروع الموازنة العامة لحكومة شرف، خاصة ما ورد بها من اقتراض ما قيمته 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولى لسد العجز فى الميزانية.
الحكومة بررت الاقتراض بتحفيز الميزانية، وأن الاقتراض لن يكون من الخارج فقط، إنما من الاقتراض المحلى، والمنح الأخرى من السعودية والاتحاد الأوروبى، لكن المجلس العسكرى رفض التصديق بسبب رفضه الاقتراض الخارجى، وعدم تحميل الأجيال القادمة هذه الديون، وطلب المجلس من الحكومة تدبير عجز الموازنة بعيدا عن الاقتراض الخارجى الذى أنهك الاقتصاد المصرى فى فترة الحكم السابق.
المجلس العسكرى لديه الحق فى الرفض، ومطالبة الحكومة بالبحث عن وسائل أخرى لسد العجز، بدلا من الاستسهال والاقتراض الخارجى، وعليها بداية الإعلان عن برنامج تقشف حاد فى النفقات الحكومية، ثم إنها حكومة مرحلة انتقالية فى ظروف استثنائية، والموافقة على القروض يلزمها وجود برلمان، ولا يجوز لحكومة جاءت فى مرحلة انتقالية أن تستدين ديناً طويل الأجل، تتحمل تبعاته الأجيال المقبلة.
وعلى الحكومة الحالية أن تتعلم من تجارب الدول التى مرت بأزمات اقتصادية مشابهة، ورفضت شروط الصندوق والبنك الدوليين، مثل ماليزيا فى أزمة انهيار أسواق المال الآسيوية عام 97، حيث تقدم البنك والصندوق الدوليان بوضع شروط للقروض كانت كلها فى غير مصلحة هذه الدول، ورفضت ماليزيا هذه القروض وشروطها، ووقتها أعلن رئيس الوزراء الأسطورى مهاتير محمد عن خطة تقشف، والبحث عن موارد محلية أخرى لسد العجز فى الميزانية، وبالفعل اكتشفت ماليزيا بفضل حنكة ووطنية مهاتير أن لديها موارد مثل صناعة الأخشاب، وزيت النخيل، وغيرها، إضافة إلى خطة تقشف حكومية، وبالفعل كانت ماليزيا أول من خرج من هذه الأزمة. قلنا من قبل إن الحكومة تحتاج إلى شجاعة فى اتخاذ القرارات والإجراءات الحاسمة لتوفير الموارد المالية اللازمة لسد العجز فى الموازنة، ولديها الخبراء والمتخصصون فى ذلك، ولكنها تحتاج إلى الشجاعة الكافية، والخيال السياسى فى اللجوء إلى سياسات اقتصادية لتوفير السيولة اللازمة. للأسف هناك عدد من الوزراء فى حكومة الدكتور شرف يتعاملون بنفس السياسات السابقة، ولا يتعاملون بروح الثورة التى فجرت الطاقات لدى المصريين الذين سارعوا لإنقاذ البورصة، ولديهم الاستعداد لإنقاذ الاقتصاد الوطنى، بشرط وضع خارطة طريق ثورية، بطرح سندات حكومية فى مشروعات اقتصادية متوقفة.
نحتاج إلى فكر متطور، وأيد شجاعة غير مرتعشة للخروج من الأزمة.