مفارقة بالفعل.. بالأمس كنا نتكلم عن العالم الدكتورأحمد زويل، ومشروعه للتقدم العلمى، كنا نقول إن الأهم ليس هو جمع العلماء فى مكان واحد، لكنه نقل فكرة روح الفريق إلى مدينة زويل العلمية، وإلى البحث العلمى فى مصر. المفارقة أن وجود زويل تزامن مع دعوة المجلس العسكرى لائتلافات شباب الثورة من أجل الحوار حول الحاضر والمستقبل، فقد رأينا المزيد من الائتلافات التى تتحدث باسم الثورة، وحسب ما توارد، شكّل البعض ائتلافات فورية بعد دعوة «المجلس» للحوار مع شباب الثورة.
الدعوة نفسها كانت دافعا لانقسام حاد بين الائتلافات وبعضها، وداخل الائتلاف الواحد، ولا نقصد الاختلاف فى الآراء، فالاختلاف والتعدد فى الآراء أمران طبيعيان فى السياسة، لكن ما نراه ليس خلافا حول مضامين، لكنه حول إجراءات، وهو خلاف يعكس الرغبة فى الظهور بمقدمات الأحداث، وفى الأماكن الأقرب للكاميرات، وليس بمضمون الفكرة وأهميتها.
وكثيرا ما يبدو صعبا على مواطن عادى معرفة نقاط الاختلاف أو حتى نقاط التشابه بين ائتلافات كلها تتحدث عن الثورة ومطالبها، منها الحقيقى ومنها «الفالصو».
الثورة كانت نتاجا جماعيا لتيارات وأفراد، ولا يحق لأحد أن يزعم أنه وحده الفاعل أو المخطط، كما يدعى البعض. المصريون جميعا انتفضوا من أجل الحرية وتغيير الحال، البعض بيده والبعض بلسانه، والبعض بقلبه أو حتى بالدعاء. المرحلة الأولى نجحت، وتبقى المراحل الأهم.. إعادة بناء النظام على أساس جديد، هناك اتفاق على الهدف، واختلاف واسع فى الطرقات يكاد يصل إلى حد التشتت.
التعدد غير التشرذم، التعدد يسهّل على كل تيار فهم خصومه أو منافسيه، و التشرذم انقسام بدون أسباب واضحة.
فى حالة ائتلافات الثورة الكل يتحدث عن ضرورة تحقيق أهداف الثورة وإقامة ديمقراطية وفتح أبواب الحرية والعدالة، وهى مبادئ لايختلف حولها الجميع، ومع هذا فالخلاف أوضح من الحوار، والانقسام أسرع من التحالف.
وجزء من ذلك أعراض طبيعية لمراحل التحول الكبرى، ومصر بالفعل منذ يناير إلى الآن فى مرحلة ولادة لنظام جديد، إما أنه يولد سليما معافى.. يتيح الحرية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، أو يكون نظاماً مشوّهاً يحمل الجينات الوراثية للنظام السابق. ولاننسى أن النظام المتسلط لسنوات ترك أثرا فى مواطنين جعلهم غير قادرين على الاختيار، بين كسالى اعتادوا أن يقرر لهم الآخرون، وطمّاعين، ولايرون سوى مصالحهم، ومتسلطين يريد كل منهم السيطرة.
وبعضها يرفع شعارات ظاهرها المزايدة، وباطنها نشر اليأس وترويج مقولة «ليس فى الإمكان أفضل مما كان». البعض يريد استعادة الماضى القريب أو البعيد، مع أن الماضى لايعود.
المستقبل يحتاج إلى طليعة .. وهذه الطليعة متوفرة فى شباب ثاروا، ومازالوا يحاولون تقديم خدمات تبدو بسيطة مع أنها عظيمة فى أحيائهم وشوارعهم، ينشرون الأمل والوعى.
هؤلاء لن تراهم على الشاشات، لا يشغلهم أن يكونوا زعماء فى «ائتلافات» اليوم الواحد. هؤلاء مثل اللاعبين الموهوبين الذين يحتاجون لمن يكتشفهم. وهم أولى بالحوار من أصحاب «الخِلف خلاف».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة