ثورة.. بلطجة.. معركة.. مؤامرة.. أم فتنة؟. نتحدث عما يجرى فى ميدان التحرير الذى تحول من رمز للتغيير إلى رمز للفوضى والضجيج والجعير، والانحراف بالثورة عن أهدافها إلى معارك وفتن بلا بداية ولانهاية، ثورة قامت من أجل الحرية، وأصبحت ضحية للفلول، ولبعض الناطقين باسمها.
فى التحرير سوف تسمع كل الكلمات والشعارات.. الشهداء والثورة والفلول والفوضى والمؤامرة، وهى كلمات امتهنت، وأصبحت بلا معنى، لن تستطيع أن تفهم شيئا مما يجرى وسط جعير وصراخ واتهامات من المتظاهرين للأمن، ومن الأمن للمتظاهرين، وقذف بالطوب والحجارة.
فجأة وبلا مقدمات، بمجرد وقوع خلاف بسبب احتفال عقدته جماعة مجهولة بالشهداء فى مسرح البالون، وحاولت جماعة مجهولة أخرى أن تمنع الاحتفال أو تشارك فيه، فتصادم المجهولون وحطموا المكان، وانتقلوا إلى ميدان التحرير.. رواية أخرى تقول إن أهالى الشهداء يتظاهرون لأنهم يريدون التعجيل بمحاكمة قتلة المتظاهرين، أو يريدون تنفيذ القصاص بأيديهم بعيدا عن أى قانون.. هم يتحدثون عن عدالة من طرف واحد.
كل هذا وغيره يشد الجميع إلى معارك جانبية تبتعد بالأهداف الأساسية للثورة التى قامت من أجل الحرية والعدالة والمساواة، وكأن الثورة غاية، وليست وسيلة للتغيير.
يبدو الأمر فائض إحباط، ومن الصعب الحديث عن بناء نظام جديد، وهناك حرائق صغيرة تشتعل فى أماكن متفرقة تحتاج إلى من يطفئها، والحكومة أصبحت رجل مطافى، والداخلية أصبح عليها أن تقف صامتة أمام ما يجرى، وكأن البعض يريدها خيال مآتة عليه أن يتلقى الحجارة والطوب، أو عصابات الرعب الجديد المتمثلة فى موتسيكلات بلا أرقام تثير الرعب، وتمشى فى الشوارع بلا ضابط، ولا نعرف من أطلق هذه العصابات فى الشوارع، ومنحها جوازات مرور.
وسط الزحام من الصعب التمييز بين البلطجى والمواطن العادى، كلاهما يرتدى الملابس نفسها، ويتحدث اللغة نفسها، ويرفع الشعارات نفسها، كلاهما يصرخ ويتحدث عن الشهداء والثورة والإحباط والتباطؤ.
هناك من لا يريد للأمور أن تستقر، ويبدو أن طول المدة وعدم وضوح مداخل ومخارج التغيير، تصنع حالة من الإحباط تدفع البعض إلى الاندماج فى الهيستيريا، والبقاء فى المربع الأول. فائض الإحباط يأتى من شعور البعض بأنهم غير مدعوين لولائم الكلام والمناقشات البيزنطية.
الدكتور عصام شرف يرى أن هناك خطة منظمة لنشر الفوضى، ويدعو شباب الثورة والشعب المصرى للمحافظة على ثورتهم. بعض المتحدثين باسم الثورة يتحدثون عن خطة لإجهاض الثورة، ويدعون إلى العودة للتحرير. الكل يتحدث عن الثورة، الحجارة تلقى باسم الثورة، والقنابل المسيلة للدموع باسم الثورة، والثورة غائبة، والفتنة حاضرة، ومعها مساحة أوسع من الإحباط.. أين الشعب من هذا؟.. الكل يتحدث باسمه، ولا أحد يفكر فى الاستماع إليه، لأنه غير مدعو لولائم الجعير والكلام.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة