كثير من الكتابات ستخرج علينا هذا الصباح.. متشحة بالسواد مع البكاء والنحيب ولطم الخدود فى ذكرى نكسة 5 يونيو، رغم الأحداث الهائلة التى مرت بالوطن العربى ومصر فى الأربعين عاما الماضية من انتصارات وانكسارات وثورات، غيرت مجرى الحياة فى المنطقة العربية. ومع ذلك مازال «حزب الندب والعويل وجلد الذات» فى مصر ساكنا على حدود يونيو.
إحدى الصحف الزميلة اعتادت دائما على نبش الماضى، وخاصة فى ذكرى النكسة أو ثورة يوليو لأسباب تتعلق بالموقف من جمال عبدالناصر، قامت خلال اليومين الماضيين بنشر حوار لابن المشير عبدالحكيم عامر، يتهم فيه عبدالناصر بقتل والده، فى إعادة لمناقشة ذات القضية التى قتلت كتابة ونشرا، لمجرد الإدانة لناصر وعصره. وبعض الكتاب انتهزوا الفرصة لإعادة نشر كتب قديمة فى ذكرى النكسة.
المفارقة أن إسرائيل المنتصرة فى يونيو 67 ألغت الاحتفالات بالنكسة بعد ثورة يناير، وأعلنت حالة الطوارئ على حدودها تخوفا من الزحف العربى الذى أعلنت عنه بعض الجماعات السياسية. وفى خلال الأيام الماضية، وفى مناسبة يونيو صدر كتاب مهم لضابط إسرائيلى متقاعد، شارك فى حرب الأيام الستة فى يونيو 67 يكشف فيه أن حرب الاستنزاف التى وضعها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر فى أعقاب النكسة مباشرة، كانت سببا مباشرا فى إحباط الجنود الإسرائليين قبل حرب أكتوبر المجيدة.
وكشف «أفراهام» الذى عمل ضابطا فى شعبة القوة البشرية خلال حرب يونيو، وعمل مؤرخا عسكريا بعد ذلك، أن اليأس بدأ يدب فى صدور الجنود، بعدما قامت القوات المصرية بتنفيذ عمليات ضد المواقع الإسرائيلية فى سيناء. فى 67 بكت جولدا مائير بالدموع، بعد معارك الفانتوم الشهيرة والتى استطاعت القوات المصرية فيها إسقاط 9 طائرات، وبدأ الجنود الإسرائيليون يسألون أنفسهم «لماذا نحارب و لماذا جئنا إلى سيناء».
فى حرب الاستنزاف -الحرب المظلومة- نسى الإسرائيليون نشوة النصر الزائف فى يونيو 67 وأيقنوا أن المصريين قادرون وبإرادتهم التى لم تنكسر على تحقيق النصر، وهو ما اعترف به القادة والضباط الإسرائيليون فى مذكراتهم بعد حرب أكتوبر 73 وخاصة فى كتاب «التقصير» الشهير. هذا هو الفارق بين العدو فى احتفاله بذكرى النكسة، وبين أعضاء «حزب الندب واللطم والعويل».