من بين كل المرشحين، أجد الدكتور محمد البرادعى هو المنتج الأكثر صلاحية للاستعمال الرئاسى خلال المرحلة القادمة، ومن بعده بخطوات يقف الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح.. البرادعى تتغير مواقفى نحوه مثل مؤشر الحرارة فى سيارة قديمة ومضطربة، ولكن مقارنته مع باقى المرشحين دائما ما تصب فى مصلحته على اعتبار أنه المرشح الوحيد الخالى من شوائب الجماعات والانتماءات، وذكريات التجارب السيئة، كما هو الحال مع أيمن نور مثلا. والحكم بأفضلية الرجلين هنا مصدره النوايا الحسنة، ولا شىء غيره، لأن أحدا منهما أو غيرهما من المرشحين المحتملين لم يقدم لنا أى برنامج رئاسى مخطوط، أو حتى مسموع، أو مشموم الرائحة، ولكن الرجل الثانى – أى أبو الفتوح - مشكلته جماعته، وغموض موقفها منه، وغموض موقفه منها، خاصة بعد إعلانه الترشح. أما البرادعى فتكمن مشكلته فى لسانه الذى يحتاج إلى كثير من الترويض، هذا طبعا غير مشكلته الأخطر الكامنة فى شخص أخيه، هذا الظل الحائر الذى يلازمه دون مبرر، معيدا للأذهان ذكريات تمكين الأقارب والشللية والتوريث.
والتاريخ التصريحى للبرادعى يمتلئ بتلك التصريحات الغريبة التى تناقض جميع مبادئه الليبرالية، وآخر روائعه تجلّت فيما نقلته عنه وسائل الإعلام السعودية وهو يتحدث عن الملك عبدالله قائلا: (إن العاهل السعودى كان مدركاً منذ سنوات طويلة للمشاكل التى يعانى منها بعض الأنظمة العربية الآن، ونرى نتائجها فى تونس واليمن وليبيا بل وفى مصر)، وهو نفس الكلام عن حكمة الرئيس، والذى كان يجامل به المنافقون الرئيس السابق مبارك، ثم توغّل وتلوّن البرادعى أكثر وأكثر، وأضاف فى حديثه لجريدة «المدينة» السعودية: (أرى المصداقية فى الملك عبدالله والرؤية الثاقبة، وأرى فيه نموذجاً للقيم العربية الأصيلة)، ليؤكد بما لايدع مجالا للشك أن الدكتور البرادعى ذاكر جيدا الألفاظ التى كان يستخدمها الإعلام المصرى فى وصف مبارك طوال 30 سنة.
سقط البرادعى فى فخ لسانه وبدلا من أن يسمع الناس من المرشح الثورى كلاما عن أخطاء السعودية فى تحدى رغبات الشعوب العربية باستضافة المخلوعين وحمايتهم، أو كلاما عن صمت السعودية على القمع الدموى لمظاهرات البحرين، أو سحل السوريين، فضّل أن يتعامل مع السعودية والملك عبدالله بمنطق الفرح، وقدّم تصريحاته هذه كأنها «النقوط»، غافلا أن مصر الثورة لم تعد تقبل بهذا النوع من الدبلوماسية الفجة، أو النفاق الرخيص الذى لا يتناسب أبدا مع فجاعة ما تعيشه بلدان عربية، كان الملك عبدالله أول من صمت، وأول من أعلن دعمه الضمنى لأنظمتها القمعية، سواء بصمته أو بتوفير الملاذ الآمن للمخلوعين وتهريبهم من المحاكمات العادلة ورغبة شعوبهم فى القصاص، وأنتم تعرفون بالطبع القاعدة القانونية الشهيرة التى لا تنفى مسؤولية من اختار بإرادته وكامل قواه العقلية والأمنية والمادية أن يخفى أو يأوى مجرما هاربا؟!
هل فهمت يادكتور؟ وهل ستعتذر لثورة مصر وتلك الشعوب التى تسيل دماؤها من أجل الحرية، وخذلتهم أنت بتصريحاتك غير الخالية من النفاق والمجاملة؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة