النجاح العظيم الذى حققناه نحن المصريون بإسقاط نظام فاسد ومعطوب ومستبد، يجب ألا ينسينا ضرورة العمل، وبسرعة، على إنصاف الطبقات الكادحة، خاصة العمال والفلاحين وصغار الموظفين، هؤلاء الذين ذاقوا الأمرين فى ظل الأوضاع السابقة، حيث تدهورت أحوالهم المعيشية بصورة لم يسبق لها مثيل، منذ عقود طويلة، صحيح أن إزاحة النظام السارق والمستبد لم يتبعها تشييد نظام جديد ينهض على الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية حتى هذه اللحظة، ذلك أن الجدال محتدم الآن حول شكل وبنية الدولة التى نبتغى تأسيسها، إلا أن الأمر لا يحتمل تأجيل أحلام الطبقة العاملة والكادحين فى حياة حرة وكريمة.
لعلك لاحظت، أن الخلاف الحاد حالياً حول قضايا الدستور وانتخابات مجلس الشعب والرئاسة، وصلاحيات المجلس الأعلى وكفاءة حكومة الدكتور عصام شرف، وهل نسعى إلى تأسيس دولة مدنية عصرية وحديثة تواكب العصر أو دولة دينية كما يطالب غلاة الأخوان والسلفيون، إلى آخر هذه القضايا الشائكة.
أقول لعلك لاحظت الغياب شبه التام للطبقة العاملة وممثليها عن خوض عباب هذا البحر السياسى الهائج، الأمر الذى ينبهنا إلى أن هناك شيئاً ناقصاً فى ثورتنا لم يكتمل بعد، لماذا؟
لأن المجتمع الحديث لا يمكن له أن يستقيم ويزدهر بدون طبقة عاملة قوية وفاعلة ومنظمة فى نقابات وأحزاب تدافع عن مصالحها، ومصالح الفقراء ككل، فى وجه الاستغلال والاستبداد، إن النظام السابق ما كان يستطيع أن يبيع مصر ويسرقها هكذا لو كانت الطبقة العاملة عندنا تحظى بالقوة اللازمة، لمواجهة خططه الشيطانية التى استهدفت تدمير الطاقة الصناعية للبلد، من خلال بيع القطاع العام، بدلاً من ضبطه وتطويره، وتشريد عماله وموظفيه!
للأسف نجح مبارك وزبانيته إلى حد كبير فى طحن طبقات المجتمع المصرى وعلى رأسها الطبقة العاملة، الأمر الذى ينذر بكوارث اجتماعية جديدة إذا ظلت هذه الطبقة تكابد وتعانى، حتى لو ظفرت ثورتنا بنجاح مشهود ونادر حتى الآن.
باختصار علينا إعادة الاعتبار للطبقة العاملة ودورها فى تطوير المجتمع من خلال تشجيعها على تأسيس نقابات قوية، تدافع عن مصالحها الفئوية، علاوة على السماح لها بتأسيس وإطلاق أحزاب فعالة تسهم فى إثراء الحوار السياسى، الذى يدور بين طبقات وشرائح المجتمع ككل، كما لا تنسَ أن الطبقة العاملة القوية هى الضامن الأول لإقرار فضيلة العدالة الاجتماعية، فأوروبا لم تتقدم إلا من خلال حيوية الطبقة العاملة هناك، وصوتها المدوى فى فضاءات السياسة، كذلك الصين واليابان والهند.. كل هذه البلدان وغيرها ممن زرع فواكه الحضارة الحديثة ما كان لها أن تزدهر وتقوى هكذا لولا وجود طبقة عاملة عفية ونشيطة وجادة تضبط إيقاع المجتمع، وتحارب الاستغلال والاستبداد، وتواجه جشع الرأسماليين الزائد عن الحد.
هل أقول إنه ما من مستقبل مشرق لمصر بدون الحضور القوى للطبقة العاملة سياسياً؟ ولا ضمان لتحقيق أهداف الثورة بدون أن يشارك الصوت القوى للطبقة العاملة فى عزف أنشودة بناء مصر الجديدة، بجوار أصوات الطبقات الأخرى.
عدد الردود 0
بواسطة:
كرما
انا من الطبقة العاملة قولي ماذا تفعل لو كنت مكاني
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد أبوطالب
أحسنت