أرجو أن تكون أزمة أراضى الأمير الوليد بن طلال فى توشكى قد انتهت بتوقيع العقد النهائى بين الحكومة وشركة المملكة للتنمية الزراعية، التى يرأسها الأمير السعودى بحضور الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء.
وإذا كانت قصة أراضى توشكى، التى تم تخصيصها للوليد فى ظل نظام مبارك ثار حولها اللغط والجدل وانتهى بحكم قضائى أدى لاسترداد الدولة لمساحة 75 ألف فدان من بين 100 ألف فدان، فإن المساءلة لا تقع على الوليد وحده بقدر ضرورة محاسبة الذين منحوه كل هذه الأراضى و«بالشروط المجحفة فى حق مصر». ويحسب للأمير السعودى عدم لجوئه إلى التحكيم الدولى فى قضية قد تكون مضمونة له، فالعقود تعطيه الحق فى ذلك سواء كانت تشوبها شبهة الفساد والتواطؤ من بعض الرموز فى النظام السابق أو كانت بنودها قد منحت شركة الوليد تسهيلات وامتيازات غير منطقية، فالعقد فى النهاية شريعة المتعاقدين، وفى النهاية من يدفع الثمن هو الشعب الذى ضحى به حكامه الفاسدون.
الأمير قال كلاما طيبا بالأمس، وأظهر النوايا الطيبة ووافق بالتراضى على الاتفاقية الجديدة وإلغاء العقد القديم تجنبا للخلاف واللجوء للمحاكم الدولية، التى خسرت مصر أمامها معظم القضايا وتكبدت تعويضات بملايين الدولارات. وإذا كان التراضى يعبر عن شهامة عربية من الوليد فى هذه القضية تحديدا فإنه أيضا يعكس نجاح حكومة الدكتور عصام شرف بالخروج من هذه الأزمة بهدوء دون أى تداعيات سلبية قد تؤثر على مستقبل الاستثمارات السعودية والعربية عموما، والخلاف كان من المحتمل جدا أن يتسبب فى أزمة سياسية، كما هى العادة فى العلاقات العربية فى وقت لا تتحمل فيه مصر بظروفها الحالية أى أزمات خاصة مع دولة عربية.
ربما تكون أزمة أراضى الوليد فرصة لإعادة النظر فى مجمل السياسات والتشريعات الخاطئة الخاصة بقضية الاستثمارات العربية والأجنبية فى مصر ووضع قوانين واضحة تحقق مصلحة مصر وتطمئن رأس المال المستثمر إلى حزمة القوانين والإجراءات غير البيروقراطية، لجذب استثمارات جادة لشركات ورجال أعمال ومؤسسات عالمية تدرك أن هناك بالفعل تغييرا حقيقيا حدث على أرض الواقع يعكس الأهداف الحقيقية لثورة يناير ولا تتحطم على صخرة الجهاز البيروقراطى الحكومى المترهل، والذى ما زال بعيدا عن التغيير، ويتحكم فيه موظفون صغار تربوا على لغة الرشوة والفساد.