فى مسرحية سك على بناتك لفؤاد المهندس، موقف يعرض فيه، كأب، إحدى بناته للزواج من تلميذه، ويعدد مثالب العروس، فحين يبدو العريس غير مقتنع، يبدأ الأب فى عرض الابنة الأخرى، وهى نقيض الأولى، ويقول عبارته الشهيرة «بلاها ناديه خد سوسو» بعبارة أخرى قرر الرجل أن يكسب بأى وسيلة عن طريق الشىء ونقيضه.
ويبدو أن مبدأ «بلاها نادية خد سوسو» مناسب جدا للوقت الحاضر، فمنذ أيام قرأت للفنان إيمان البحر درويش تصريحا قويا بمناسبة قراره بترشيح نفسه نقيبا للموسيقيين، حيث قال إن عدم غنائه أمام حسنى مبارك وسام على صدره، لأنه من قلائل مطربى جيله الذين لم يغنوا فى الحفلات التى كان يحضرها الرئيس السابق، وللحق فإن المطرب الكبير صادق جداً فى نصف ما قال، وهو أنه لم يغن أمام مبارك فى حفلات عامة، أما النصف الثانى من العبارة، وهو الوسام الذى على صدره، فتلك مسألة أخرى.
منذ شهور وقبل 25 يناير، حين كان حسنى مبارك ملء السمع والبصر والقلب للدولة، كان إيمان البحر درويش ضيفا لى فى برنامج تليفزيونى باسم كلام على ورق، ومن بين ما طرحت عليه من أسئلة سؤال: هل يعتبر نفسه مطربا معارضا؟ فرد بأنه مطرب مضطهد، وهذا يؤثر على مسيرته، وأكد أن أهم مظاهر اضطهاده أنه لم يغن أبدا أمام الرئيس، وحين أبديت تعجبى من أهمية الغناء أمام رئيس لمطرب، راح يؤكد لى أهمية لم أرها كذلك، وللحق لم أحترم قيمتها، ولكن هذا كان رأيه على كل حال.
وها نحن بعد شهور من اندلاع الثورة ضد مبارك، يخرج ذات المطرب الذى اعتبر حرمانه من الغناء أمام مبارك اضطهادا، يصرح بأن عدم غنائه أمام مبارك وسام على صدره، وكأنه كان قرارا بإرادة منه.. منتهى النفاق سواء لسلطة كانت قائمة فى حينها أو لثورة نجحت ضد هذا النظام بعد شهور.
هناك حقيقة يجب أن نقرها وهى أن الفنانين الذين غنوا فى يوم ما أمام الرئيس السابق أو حتى التقوه فى تجمعات عامة أو خاصة، فعلوا ذلك لأنه كان رئيساً لمصر، ويمثلها آنذاك ولا يجب أن يخجلوا من ذلك، ولا يحاكمهم أحد لهذا. أما هؤلاء الذين لم يفعلوا، فلا يجب أن يعتبروا هذا ميزة لهم تضعهم فى مصاف أفضل من زملائهم، ولكن حالة إيمان البحر درويش حالة ثالثة، لأنه يلعب بكارت مختلف بتاع «بلاها نادية خد سوسو»، وما أكثر بتوع نادية وسوسو هذه الأيام!!.