حد فاهم حاجة أو حد عارف حاجة؟!
ماذا حدث، ومن هؤلاء الذين خرجوا من جوف الظلام يوم الثلاثاء الماضى لنشر الفوضى والبلطجة فى شوارع القاهرة وميدان التحرير ومحاولة اقتحام مبنى وزارة الداخلية واستثارة قوات الأمن وجرها إلى اشتباكات لا معنى لها؟
الوجوه الغريبة والمريبة التى شاهدناها فى ميدان التحرير، والدراجات النارية التى انتشرت وبكثافة فى الميدان، كانت غريبة على الجميع، ليس هؤلاء هم ثوار 25 يناير، ولا هؤلاء هم أهالى الشهداء الذى حاول البلطجية المتاجرة بهم، وافتعال الشغب والفوضى من أجلهم، ليس هؤلاء هم الشعب الذى خرج يوم جمعة الغضب يرفع شعارات واضحة وأهدافا محددة لا لبس فيها ولا غموض.
الذين تواجدوا فجأة فى ميدان التحرير لم يكن لهم شعار واضح، ولا هدف واضح، سوى إثارة الشغب فى تزامن غريب ومثير للشك والريبة مع صدور الحكم التاريخى الذى أصدره القضاء الإدارى فى اليوم نفسه بحل دولة المجالس المحلية التى أفسدت فى البر والبحر والجو فى مصر طيلة 30 عاما، وجعلت من الفساد نمط حياة وأسلوب معيشة، وهو الحكم الشجاع الذى استجاب لمطالب الشعب وثورته المجيدة لحل تلك المجالس الفاسدة.
فهل هؤلاء الذين خرجوا من مسرح البالون إلى ميدان التحرير من فلول الحزب المنحل الفاسدين والمفسدين الذين تضرروا من حكم القضاء، فأرادوا إفساد فرحة الشعب بحكم القضاء المصرى العادل الذى يصب لصالح أهداف الثورة.
لا يمكن وصف ما حدث فى مسرح البالون امتدادا إلى ماسبيرو وميدان التحرير إلا بالأمر الغامض، لا بد من الكشف عمن يقف وراءه، والأصابع المجهولة التى دفعت باتجاه تصعيد الأحداث إلى ما شاهده الجميع فى ميدان التحرير، وبالقرب من مبنى وزارة الداخلية. هذه الأصابع التى يسوؤها هدوء الأوضاع فى مصر، والسير نحو الخروج الآمن من المرحلة الانتقالية التى تعيشها البلاد حاليا.
أسئلة كثيرة غامضة تستحق الإجابة عنها، وإزالة الالتباس والحيرة العالقة فى أذهان جموع الشعب. من دفع بأهالى الشهداء من ماسبيرو إلى البالون، ومن دفعهم إلى عابدين ثم إلى لاظوغلى والاشتباك مع قوات الأمن؟
المشهد مربك ويحتاج إلى وقفة قبل أن تحرق النار الجميع، والمطلوب أن نعيد تأمل ما جرى، والخروج منه بأسرع وقت بحكمة وتعقل قبل أن تخرج أهداف الثورة عن مسارها وتجنح إلى ظلمات الفوضى والبلطجة.