الشعوب لا تقبل بأنصاف الثورات وأنصاف الحلول، والثورة إما أن تحقق ما قامت من أجله فى التغيير الشامل والكامل وإما أن تتحول إلى مجرد انقلاب على أشخاص وتبقى نصف ثورة، وأنصاف الثورات دائماً هى مقابر للثوار وأكفان للشعوب.
جمعة 8 يوليو والحشود التى امتلأت بها ميادين مصر أكدت بما لا يدع مجالا للشك أنها عازمة على تحقيق أهدافها المشروعة، وأن المطالب التى تنادى بها فى التطهير والقصاص والمحاكمات العلنية وتحقيق العدالة الاجتماعية لا بد أن تتحقق، لأنها مطالب شعب ثار فى وجه نظام ظالم وفاسد، وأزال رموزه، ولكن مازالت ذيوله وفلوله وأتباعه باقية فى أماكنها فى كل مؤسسات الدولة.
الرسالة كانت واضحة وجلية فى جمعة القصاص والتطهير، وبمثابة إنذار غضب شديد اللهجة ضد التباطؤ والتراخى والتحايل فى التجاوب السريع مع مطالب الشعب، فلا صوت يعلو فوق صوت الشعوب، وعلى الحكومة والمجلس العسكرى أن يستمع ويستجيب، فالوقت لا يحتمل التأجيل، والمكاشفة والوضوح هما السبيل الوحيد للخروج من الموقف الراهن. لا نريد أن نقول إن هناك مأزقا وأزمة تؤدى إلى فراق وطريق مسدود قد ينتج عنه ما لا يحمد عقباه وهو ما لا نتمناه حقيقة.
مازالت هناك ثقة فى قدرة المجلس العسكرى فى الاستجابة لمطالب الشعب، فالذى يعلن انحيازه الكامل منذ البداية للثورة وللشعب ضد النظام الفاسد، عليه أن يكمل المشوار ويتخذ القرارات الشجاعة والثورية.
مازالت هناك ثقة فى تنفيذ المطالب ولا نتمنى أن تضيع هذه الثقة أبداً، الطريق واضح ولا لبس فيه، والإسراع فى إنجاز أهداف الثورة لا يحتاج كل هذا الوقت، القصاص العادل مطلوب وفوراً، والمحاكمة العاجلة لرموز النظام ومحاكمة الرئيس المخلوع لابد أن تتم بشكل عاجل دون التفاف وتراخ، وتطهير وزارات ومؤسسات الدولة من رموز الفساد وتطهير الحكومة من بقايا النظام ومن الأيادى المرتعشة فى سرعة تنفيذ المطالب وتحقيق العدالة الاجتماعية أمر حتمى.. الثورات لا يتم التعامل معها بإجراءات وخطوات روتينية مملة وبطيئة وعقول تفتقد الإرادة الثورية والخيال السياسى فى اتخاذ القرارات.. الوقت مازال كافياً لو توافرت الإرادة، والثقة لم نفقدها بعد فى الذين أعلنوا دعمهم وانحيازهم وحمايتهم للثورة.