الآن وقد خرجت الملايين فى القاهرة والإسكندرية والسويس وأسيوط وغيرها من المدن يوم الجمعة الماضى للمطالبة بالقصاص، فهل يحتاج حكامنا إلى دليل آخر على قوة الثورة المصرية واستمرارها؟، لقد أصبحنا يوم الخميس على خبر تحويل مفتكسى موقعة الجمل إلى الجنايات، لكن لم يمنع ذلك المصريين من الخروج يوم الجمعة. وأمسينا يوم الجمعة على خبر إصدار أمر باعتقال مدير مباحث السويس على خلفية قتل الثوار أثناء الثورة، ولم يمنع ذلك الثوار من استمرار الاعتصام بالميادين. كل المحاولات السابقة من دفع البلطجية بين الثوار واستخدام البلطجية بين قوات الشرطة وبروفة عودة الشرطة الفاشلة يوم 28 يونيو وماجرى من هجوم بالقنابل والسيوف على الشباب فى الميدان وإصابة أكثر من ألف شخص، لم تمنع الثوار من النزول إلى الميدان يوم الجمعة. ولم يفلح تباطؤ جماعة الإخوان فى إعلان النزول إلى الميدان فى إقناع الناس بعدم النزول. ولم يفلح انسحاب الإخوان فى الساعة الخامسة فى إخلاء الميدان. وفى السادسة ارتفعت الصيحات «الميدان مليان مليان.. مليان من غير الإخوان»، وكان الفارق بالنسبة لى قبل الخامسة وبعد الخامسة هو أننى قبل الخامسة كنت أمشى فى الميدان فأجد نفسى أحياناً أقول لمن أمامى لو سمحت، حتى يفسح لى مكانا لاستمرار المشى. وبعد الخامسة صرت أقول ذلك بشكل أقل. فصرت منتبها أكثر إلى وجوه الشباب وما أجملها من وجوه محملة بالأمل. لم ينزل الإخوان من قبل فى ثلاث جمع عظيمة ولم تتأثر الميادين. وعلى رأى واحد قال إنهم خدوا إذن بالنزول ساعتين علشان ما يبقاش شكلهم وحش. والحقيقة علشان لو مانزلوش كانت دى هتبقى النهاية ليهم فالأمر يتعلق بالشهداء. الآن وقد فشلت كل الرهانات على إجهاض الثورة هل يريد المجلس العسكرى دليلا آخر على أن هذا الشعب لن يفرط فى ثورته. لقد آن الأوان أن يتبنى بشكل سريع مطالب الثورة، وعلى رأسها الإسراع فى إنهاء محاكمة سدنة النظام الفاسد قبل أى خطوة نحو المستقبل. القوة الأكبر فى مصر الآن هى للثوار على اختلاف انتماءاتهم وكلهم يريدون ذلك.محاكمات علنية. ولا يمنع ذلك أبدا من محاكمات استثنائية لهم، فالذين استخدموا الأسلحة ضد أبناء الشعب كانوا ينتمون إلى مؤسسة عسكرية. الشرطة من فضلك التى لم تعرف من كونها هيئة مدنية إلا اللافتة التى تقول ذلك، وقالت لنفسها إن الجيش يحمى الوطن من أعدائه فى الخارج ونحن، الشرطة يعنى، نحمى الوطن من أعدائه فى الداخل. ولم تجد فى الداخل إلا الشعب فراحت تعتقله وتعذبه وتتدخل فى حياته الشخصية وعمله وحركته، وأعطى لها النظام الإشارة الخضراء بعد أن أمّن نفسه من أعداء الخارج بالمعاهدات وتنفيذ الأوامر وخيانة الوطن والعروبة ليضمن بقاءه. والذين سرقوا ونهبوا البلاد هم الذين أفسدوه سياسيا.
لم يبق الآن شىء يمكن أن يعطل الثوار عن مطالب الثورة، التى لا يختلف عليها أحد، غير الشمس والرطوبة التى تضاف إليها فى مدن كالإسكندرية والسويس. لكن حتى الشمس لم تعطل أحدا. كل شاب وشابة وقف يتحملها والكبار مثلى وضعوا على رؤوسهم الجرائد أو ارتدوا الكابات أو تركوا الميدان بعض الوقت إلى المقاهى، يشربون الماء البارد ويعودون.
وطبعا لن يمنع أحد بيع الماء البارد! كما أن شهر أغسطس القادم سيشهد رمضان الكريم أعاده الله علينا بدون رجال النظام السابق. وسيتحول الشعب إلى السهر ليلا. ومن الآن هناك دعوات للإفطار الجماعى والسحور الجماعى فى الميادين. لكنى أريد للوطن أن يرتاح وللناس أن تسعد بحياتها، فلا حل أمام أى عاقل إلا بالإسراع فى القصاص. لن أعيد ما قلته كثيرا من أن الناس ستجد نفسها مضطرة للقصاص بيدها. لن يضير المجلس العسكرى أبدا بحث الانتهاء من هذا القصاص. ولن يعدموا طريقة للانتهاء من المحاكمات. فنحن نعيش تحت قانون الطوارئ الذى كان يطبق دائما فى غير مكانه. ومكانه الوحيد الآن هو القصاص والفساد السياسى. أما إذا تركنا الأمر للشمس والرطوبة فستجهز على كبار السن أمثالى ولن يبقى فى البلاد إلا الشباب وساعتها ستندفع الثورة إلى السماء صخبا وقوة، لأنه لن يبقى آباء وأمهات يخافون على أبنائهم ويحاولون منعهم من الميادين. وإذا كان الشباب الآن لا يستمعون إلى نصائح أهلهم الطيبين فما بالك إذا صاروا بلا أهل!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة