«التغيير فى السياسات وليس فى الوجوه» الكلمة الأثيرة للرئيس السابق حسنى مبارك ردا على كل من كان يطالبه بالتغيير. والنتيجة استمرار الوجوه والسياسات طوال 30 عاما. مع حكومة الدكتور عصام شرف، تغيرت بعض الوجوه، وبقيت السياسات. وهى حقيقة لا يريد الدكتور شرف ومستشاروه الاعتراف بها. فما زالت حكومة نظيف مستمرة من خلال المستشارين، ممن كانوا يصنعون السياسات، بما يؤكد صحة رؤية شباب التحرير، وكثير من المواطنين يرون النظام مازال مستمرا.
الدكتور شرف يلعب لعبة مزدوجة، يتبع السياسات نفسها، مع إطلاق خطاب يقول فيه: إنه يمثل مطالب الثورة. يلعب دور رئيس حكومة تكنوقراطية، ويلقى بيانات حكومة ثورة تعهد رئيسها فى التحرير بأن ينفذ مطالب الثورة.
هذا الارتباك تظهره كلمة شرف، بعد يومين من اعتصام التحرير وأسابيع من الشعور بخيبة الأمل فى الرجل الذى كان رهانا لكثيرين على أنه المناسب لإنهاء النظام القديم وإقامة نظام يحقق العدالة والمساواة والحرية.
شرف انشغل بتفاصيل الأزمات والوقفات والتفاصيل وترك مهمة إعادة بناء سياسات مختلفة. ونظام مبارك لم يكن مجرد وجوه، لكنه سياسات وطبقات متراكمة تكونت طوال 30 عاما، لكن حتى الآن يحمل نظام شرف جينات النظام السابق نفسها. من التسويف والتصرف على عكس ماهو معلن. وغياب المبادرة، ونظام الضرائب وتوزيع الدخل. مع رتوش فى مكياج النظام الاجتماعى.
الدكتور عصام شرف طوال الوقت يروج أو يسرب أنباءً عن كونه لايجد حريته كاملة كرئيس وزراء، وأن المجلس العسكرى هو الذى يحكم ويقرر، بينما هو مجرد منفذ. وهو صحيح فى بعض السياسات لكنه غير صحيح فى البعض الآخر. مثلا كان اعتراض المجلس العسكرى على القروض الخارجية فى الموازنة منطقيا، لأنه لايجوز لدولة تواجه ظرفا اقتصاديا صعبا أن تضيف أعباء الاقتراض على الموازنة، ولا تسعى لخفض الإنفاق الحكومى وتقليل أعداد المستشارين الذين تلتهم رواتبهم جزءا من موازنة الأجور بلا عائد.
أيضا، فإن الصفوف الأولى من الوزارات لاتزال محتلة من رجال نظيف وعز وغالى وسرور والشريف، بينما هناك صفوف ثانية تعرضت للاستبعاد، ويمكن لها أن تقوم بمهمة التغيير، شرف يتحدث عن التطهير فى الداخلية فقط، بينما النظام فى كل الوزارات - وزارة المالية مثلا - يحكمها حتى الآن رجال يوسف غالى، يرسمون السياسات نفسها، وسمير رضوان وزير المالية هو امتداد لغالى مع تغيير الاسم، بينما يعتمد على رجال الوزير السابق. ما يجرى فى المالية يجرى فى وزارات أخرى مثل التجارة والصناعة والتعليم والصحة والتعليم العالى والخارجية وغيرها من الوزارات. الأمر الذى يجعل من الصعب تصديق بيانات حكومة تحاول إلهاء الثورة بالبيانات والوعود، بينما ترضى النظام السابق باستمرار الوجوه والسياسات نفسها. لعبة مزدوجة لم تعد صالحة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة