وفقا لنظرية دور الفرد فى التاريخ، لا يمكن الحكم على مواقف الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء إلا من خلال الظروف الموضوعية التى يحكم فيها، أو يدير فيها البلاد، ومن خلال ما يتاح له من مساحة حركة، ونفوذ، وسلطات، لممارسة دوره.. ومن ثم يمكن تقييم الرجل وأدائه.
فهل الدكتور شرف مسموح له بأداء مهام منصبه كرئيس للحكومة فى ظل ثورة شعبية دون خطوط حمراء، أو دون السماح له باتخاذ جميع القرارات والإجراءات المطلوبة لتلبية المطالب الجماهيرية التى رفعتها ميادين مصر.
ما مساحة الدور والوظيفة المنوطة بالدكتور شرف، للقيام بدوره على أكمل وجه، وتمكينه من تلبية مطالب الثورة، وتحقيق أهدافها العاجلة فى أسرع وقت دون تباطؤ؟ وماهى خطوط التماس والتقاطع بين شرف وحكومته، وبين المجلس العسكرى الذى يحكم البلاد فى المرحلة الانتقالية الحالية؟
أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات واضحة وشافية، لأن المسكوت عنه فى مساحة العلاقة بين حكومة شرف والمجلس العسكرى كثيرة ويلفها غموض كثيف.. فعلى سبيل المثال مسألة اختيار بعض الوزراء، ووجود البعض الآخر داخل الحكومة رغم حالة الغضب الشعبى عليهم واعتبارهم ممثلى النظام السابق، والخلافات المستعرة داخل الحكومة، وعدم قدرة الدكتور شرف على التعامل معه تثير الاستفهام أيضاً. اتخاذ قرار المحاكمات وخاصة محاكمة الرئيس السابق ووزير الداخلية السابق حبيب العادلى فى قضية قتل الثوار، علامة استفهام كبيرة أيضاً.
لذلك من يتابع ملامح رئيس الحكومة فى بياناته الأخيرة، يشعر أن الرجل ليس مطلق اليد فى أمور كثيرة وأن شيئاً ما يقيده، وهو ما ينعكس على طبيعة قرارات وردود أفعال حكومته تجاه القضايا التى تشغل الشارع الثائر الآن.
مشكلة الدكتور عصام شرف أنه رئيس وزراء هادئ ومثالى ومخلص، جاء فى زمن ثائر ووضع متفجر. وعندما نقيم أداءه فى الشهور الأربعة الماضية، علينا أن نراعى الظروف التى يحكم من خلالها دون التعجل فى إطلاق أحكام وصفات عامة على الرجل وشخصيته، فلا يعيبه أنه هادئ و«طيب» وحسن النية، وأحياناً وليس فى كل الأحيان« الرجل العظيم فى حياة الشعوب قد يكون مصيبة عامة لها» - كما تقول حكمة صينية -. أعتقد أن شرف هو رئيس وزراء مرحلة لاحقة مستقرة واضحة المعالم فى مصر. وليس من المقبول أن نظلم الرجل مثلما ظلم الناس جحا فى قصة ابنه والحمار!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة