لست أدرى هل أهنئ الزميل الوزير أسامة هيكل، أم أدعو الله أن ينجيه حتى لا يتحول إلى ضحية كمن سبقوه؟ انقسم الرأى العام حول إحياء مهمة وزارة الإعلام بعد دفنها، وصار الجدل حول التوقيت، طبيعة الوزارة، وأشياء أخرى، وبالطبع حمل الجميع الاحترام لشخص الوزير. تعيين أسامة هيكل وزيرًا للإعلام يذكرنى بالمثل الشعبى القائل: «هل يصلح العطار ما أفسد الدهرُ»، وفى حالتنا هل يصلح أسامة هيكل ما أفسده الزمن (1952 – 2011) بتراكماته التى جعلت مهمة وزارة الإعلام فى مصر أقرب لمهمة وزارة الداخلية - أى مهمة سيئة السمعة - بالإضافة إلى حالة الاحتقان التى تحولت إلى خيبة أمل تهدد بالانفجار بين المجلسين «الوزراء والعسكرى» والثوار، كل ذلك المناخ غير الصحى تجمعت سحبه فى سماء ماسبيرو التى قد تمطر ما لا يحمد عقباه. بداية وزير الإعلام فى مصر لسان حال من يحققون المطالب والإنجازات، ولكن الخوف أن يتماهى الوزير مع المهمة ومن كلفوه بها.. الأمر الذى يجعل الثوار المحبطين من المجلسين يحاكمون الوزير الجديد على أنه لم يحقق مطالبهم بالمحاكمات العادلة لقتلة الشهداء، أو رموز الفساد، وغيرها من المطالب الأخرى، خاصة أن أسامة هيكل صحفى معارض، وقريب الصلة من المجلس العسكرى من جهة، ومن ثوار التحرير من جهة أخرى. ولعل هذه المهام الصعبة تهون أمام مهمة تحرير قلعة ماسبيرو الحصينة (44 ألف موظف، منهم 12 ألف رجل أمن) أى أن حل جهاز أمن الدولة وإعادة صياغته فى الأمن الوطنى كانت مهمة أيسر من تلك المهمة، خاصة أن زميلى المحترم لا يمتلك خبرات كافية مع تلك القلعة الحصينة ذات الـ 61 عامًا من الخبرات الأمنية والبيروقراطية والقدرة على البقاء أكثر من دول كثيرة انقسمت مثل السودان، أو الصومال، وأطول عمرًا من أكثر من دولة خليجية، إن جهاز أمن الدولة سقط فى أقل من أسبوع.. ولكن قلعة ماسبيرو بنقاطها الحصينة التى تفوق خط بارليف مازالت صامدة أمام الجميع، لأنها تمتلك خبرات 3 جمهوريات: جمهورية ناصر الأولى، والسادات الثانية، ومبارك الثالثة، ولدى ماسبيرو حنكة الأمن الإعلامى والقدرة على التلون مثل الحرباء، واستيعاب الضربات، والتظاهر بالموت مثل الثعلب، والانكماش والتخفى كالقنفذ، وأذكر الوزير أسامة هيكل بأن جنرالات الحرب والسياسة والإعلام لم يتمكنوا من إنجاز مهمة إعادة صياغة ماسبيرو، ذلك المبنى الذى كان من الأولى تسريح قياداته قبل قيادات الداخلية، وتحويله إلى متحف على غرار متاحف «جوبلز» بعد سقوط النازية. أضف إلى ذلك مهمة الصحف القومية بمدارسها المختلفة والتى انفتحت على الحرية فى الآونة الأخيرة، ولم يعد ينفع معها مرحلة الأوامر، «آليات صفوت الشريف وأنس الفقى»، ولا ننسى هنا الهم الأكبر «هيئة الاستعلامات». وإن كان المجلس العسكرى قد أعلن عن إعادة الحياة لوزارة الإعلام فى وقت يعلن فيه الشعب عن غضبه ما بين اعتصامات وإضرابات ومظاهرات، فإن البعض قد رأى أن ذلك الإعلان عن قيام وزارة الإعلام قد تم عن قصد.. ولكننى أظن أن قلة الخبرة السياسية لمن يديرون أو يحكمون.. وكثرة المستشارين الجهله هى التى وضعت المجلسين فى هذا المأزق. ولكن يبدو أن الإيجابية الأساسية لتعيين أسامة هيكل وزيرًا للإعلام هو أننا أصبحنا نمتلك ثلاثة وزراء ليسوا من أعضاء الحزب الوطنى، بل من المعارضة، وهم منير فخرى عبدالنور، وجودة عبدالخالق، وأسامة هيكل.. ربى لا أسألك رد القضاء؛ بل أسألك اللطف فيه.