هل يمكن لمواطن أن يستمتع بالديمقراطية بدون شوارع مريحة ومستشفيات إنسانية، وهو يقضى نصف يومه فى إشارات المرور ووسط أكوام القمامة، لا مانع ونحن ننشغل بقضايا الدستور والديمقراطية أن نفكر فى حل الأزمات المزمنة والمتكررة.
لكن الظاهر حتى الآن أن التركيز الأساسى فى مناقشات النخب السياسية والتوك شو على الجدل السياسى والدستورى، لكن هناك نوع من التجاهل والتعالى على القضايا اليومية التى تتعلق بحياة المواطن. لا أحد يثير السكتة المرورية التى تصيب القاهرة والمحافظات، ولا الفوضى التى يصنعها الميكروباس والتوكتوك والموتسيكلات التى تنشر الرعب فى الشوارع.
ولا يبدو أن أكوام القمامة ولا أحوال المستشفيات المتردية تلفت نظر أى من أبطال المناقشات الحامية، وكأن الديمقراطية هدف وليست وسيلة لترقية حياة المواطنين.
أمور يفترض أن يضعها رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف والمجلس العسكرى فى بالهم وهم يشكلون حكومة جديدة ويختارون محافظين جددا، حتى يمكن أن يشعر الناس بأن هناك تغييرا من نظام لآخر، وليس مجرد استبدال وجوه بوجوه.
وليس مطلوبا أن يتغير كل شىء فى أيام، لكن ليس أقل من ضمان تدفق حقيقى للخدمات الأساسية، وضبط الأسواق، والشوارع والمستشفيات.
الزحام والفوضى المرورية تزداد تعقيدا بسبب غياب الأمن والشرطة فى الشوارع. هناك اعتداء واضح من الميكروباص والتوكتوك وتضاعف أعداد المتوسيكلات التى بلا أرقام التى تثير الرعب فى الشوارع. سيارات النقل والمقطورات تسير فى كل مكان وكل وقت، وعلى الدائرى والمحور والطرق الزراعية والصحراوية هناك بلطجة مرورية من النقل والميكروباس وسط غياب كامل لرجال المرور.
ومن المفارقات مثلا أن رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف هو خبير فى هندسة الطرق، وكان وزيرا للنقل، ولم يحدث أن شكل لجنة لبحث مشكلة المرور والاختناقات الرهيبة فى الشوارع، ولا جمع بين خبراء المرور والطرق للبحث عن حل للزحام، ولم نعرف أن محافظ القاهرة تطرق خلال الشهور الماضية لمشكلة القمامة التى ترتفع إلى جبال وتلال فى مناطق القاهرة دون تفرقة بين مصر الجديدة وعين شمس أو المعادى والزمالك. ومثل القاهرة والجيزة هناك باقى المحافظات تغرق فى القمامة والصرف. ومثل المرور والقمامة فإن المستشفيات العامة والمركزية بلا أى تطوير خالية من العلاج والمواطن الفقير لا يجد علاجا مع استمرار نظام التأمين الصحى القديم، وبدون تغيير سياسة وزارة الصحة لا يمكن الحديث عن تغيير. والغموض يحيط بنظام العلاج على نفقة الدولة.
ربما تكون هذه هى المشكلات التى تحتاج إلى مواجهة عاجلة، ولا علاقة لها بجدل السياسة ويتفق حولها الجميع، لكنها تبدو بعيدا فى حوارات الائتلافات والسياسيين، وأيضا بعيدة عن خطط الحكومة السابقة بقيادة شرف.. فهل تجد لها مكانا عند الحكومة الجديدة بقيادة شرف أو غيره؟ إنها مشكلات مزمنة وحلها يزيد من الاستمتاع بالديمقراطية.