كمال حبيب

صوت الميدان وطبائع الاستبداد

السبت، 16 يوليو 2011 08:25 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التباطؤ سمة الأنظمة غير الثورية، بل دعنى أقول إن التباطؤ هو سمة الأنظمة الاستبدادية، فقدرة الأنظمة الاستبدادية على المخاطرة معدومة، وقدرتها على المبادرة مفقودة، هى تعتمد على الصورة المخيفة التى ترسمها لنفسها فى عقل الجماهير وهى الصورة الفرعونية التى تقول «أنا ربكم الأعلى» أو تقول «أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى أفلا تبصرون»، فظاهرة الفرعونية السياسية عتيقة وقديمة فى مصر، وكذلك كان مبارك يحكم، وفى ليبيا سوف تجد نظاما ديكتاتوريا خطواته أثقل وأعسر من قفزات الجماهير الثورية التى تريد الانتصار لمبادئها على الفرعون والتخلف والاستبداد، وفى سوريا اليوم تجد خطوات الجماهير أسرع، ولا يجب علينا أن ننسى نظام بن على، فكل النظم الاستبدادية تتسم بالجمود والرجعية والتخلف وعدم القدرة على اتخاذ قرارات سريعة تستجيب لمطالب شعوبها، وفى الحقيقة فهى مسألة نفسية اعتادت فيها تلك النظم، أن تمنح ولا يفرض عليها، وأن تقرر هى، ولا تستجيب للضغوط، ومن ثم هى لم تعتد الاستجابة لضغوط الجماهير ومطالبها، ولم تعرف أن القرار السياسى هو علاقة بين الجماهير والحكومات أو بين ممثلى الشعب والسلطة السياسية. ومصر منذ ثورة 25 يناير تعيش حالة ثورية لم تعرفها طوال تاريخها كله، عنوانها الشعب يريد.. لم يعد الفرعون ولا أصنامه ولا الطاغوت وأزلامه هم الذين يريدون، وإنما الناس هى التى تريد، وكان مجىء عصام شرف من قلب ميدان التحرير تعبيرا عن أن الثورة أصبح لها لسان صدق فى قلب السلطة المصرية الجديدة، الثورة صار لها ظهير يفكر بطريقتها ويعبر عن روحها.. روح الثورة التى تهفو للتغيير. خمسة أشهر كاملة من الثورة وهناك فجوة بين روح ميدان التحرير والثورة وبين روح شرف والمجلس العسكرى، فالضباط القتلة للشهداء لا يزالون يعملون فى وزارة الداخلية، والقضاء يفرج عن المفسدين من الوزراء، والفقر لا يزال يطبق بخناقه على فئات واسعة من الشعب المصرى ربما تصل إلى خمسين فى المئة من الشعب المصرى. ولم يحدث أى تقدم نحو تحديد حد أدنى وحد أعلى للأجور بالنسبة للعاملين فى الدولة بشكل رئيسى، فهناك ثورة ولابد من اتخاذ قرار سريع وحاسم بشأن أى مظاهر للترف أو الإسراف أو الرفاهية أو أشكال الفساد بشأن التوسع فى استخدام أموال الميزانية فى موضعها الصحيح، كما نرجو أن تمتد رقابة الحكومة والمجلس العسكرى إلى كل الصناديق الخاصة التى كانت محصنة من قبل ولا يقترب منها أحد. المشكلة فى البيانات التى يلقيها عصام شرف أنها لا تعبر عن روح الثورة، وإنما تعيد للأذهان منطق النظم الاستبدادية، فهى بيانات تأتى متأخرة، وتتضمن عموميات فى أغلبها تفتقر لآليات واضحة لتنفيذها، ولنأخذ مثلا «تشكيل لجنة لتحقيق العدالة الاجتماعية بمشاركة جميع الوزارات» ومما نعرفه أن النظم لو أرادت أن تهدر دم موضوع فلتشكل له لجنة، ولتكن هذه اللجنة بين جميع الوزارات، نحن نريد أن يأخذ شرف قرارا واضحا وبلا تأجيل بشأن حد أعلى للأجور وحد أدنى للأجور لا يقل عن 1200 جنيه، كما قضت المحكمة الإدارية، ولا يزيد الأعلى عن خمسة عشر ضعفا بحال من الأحوال. مصر وشعبها بعد الثورة يحتاجان لحكومة ولنظام سياسى يتسمان بالخيال السياسى والقدرة على ملاحقة خطوات الجماهير ومطالبها والتفكير بمنطق خلاق يتحمل المغامرة والمخاطرة، أما منطق الروح الاستبدادية المرتجفة الخائفة المترددة المنهكة العاجزة التى تلجأ للحلول التقليدية، فإنها لم تعد تصلح لحكم هذا الشعب. صوت الميدان يحتاج إلى نظام سياسى ثورى ولن يقبل بمنطق النظم الاستبدادية.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة