كل من قرأ نص أقوال الرئيس السابق حسنى مبارك فى تحقيقات النيابة معه والتى تنفرد بنشرها «اليوم السابع» يكتشف أن مصر لم تكن دولة تدار بأى فكر أو هدف سياسى، ولم يكن مبارك نفسه هو حاكمها الفعلى!
الدولة انفرط عقدها فى السنوات العشر الأخيرة وتوزعت إدارة الحكم فيها على مجموعات وأفراد تقاسموا فيما بينهم السلطة والنفوذ، وبقى الرئيس السابق مثل «خيال المآتة» الذى لا يعلم بما يدور من حوله من مصائب وكوارث أدت فى النهاية إلى خلعه والإطاحة به وضياع شرفه العسكرى ووجوده السياسى طوال 30 عاماً.
الشعب كان آخر شىء يفكر فيه من حكم مصر، ومعلوماته عن معاناة الناس وضجرها من الفساد السياسى والاقتصادى والاجتماعى كان يعرف بها فقط من خلال تقارير وزير داخليته حبيب العادلى الذى منحه ثقته الكاملة، ولم يكن يثق فى أحد غيره للحفاظ على استمرار حكمه وسلطته.
أقوال الرئيس السابق تؤكد ما كان معروفاً بحكم ما كان يجرى من أحداث وتتداول الأقوال بشأنه، بأن الدولة كان تدار من وزارة الداخلية فقط، والتقارير الصباحية والمسائية فى آخر سنوات حكم مبارك كان مصدر الثقة الوحيد فيها هو وزير الداخلية نفسه وليس جهة أو شخصا آخر. فمبارك حسب أقواله فى التحقيقات كان يتلقى المعلومات شفهيا من «وزارة الداخلية» ومن كان يريد من باقى الأجهزة الأمنية الأخرى إبلاغه بأية معلومات فلابد من المرور عبر بوابة «حبيب العادلى».
يعترف مبارك بأنه لم يكن يعرف مطالب الشعب فى الاحتجاجات سواء فى 25 يناير أو ما قبلها. ولا يذكر إذا كان العادلى - الحاكم الفعلى لمصر - قد قال له فى عام 2005 إن الاحتجاجات واحتقان الشارع كان بسبب التوريث والأوضاع الاقتصادية.. عاش فى عزلة اختيارية أو إجبارية فرضها عليه من حوله، عزلوه برغبته ليتقاسموا «عزبة مصر» ويديروها وفقا لما شاءوا.
فالشعب لم يكن على البال وحتى لو احتج أو تظاهر «فالأمن المركزى والرصاص والميه» كفيلة به.. هكذا اطمأن مبارك إلى وزير داخليته فغاب عن إدارة البلاد وانعزل عن شعبه.
الاعترافات والأقوال فى غاية الأهمية ليس فقط لكونها تكشف مصائب ما جرى.. وإنما هى درس وعبر لمن سيحكم مصر مستقبلاً.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة