تشويش، وارتباك، ومشتاقون.. أهم ملامح ما يجرى فى التعديل الوزارى المرتقب.. ضجيج يحيط بالحكومة الجديدة التى يسعى الدكتور عصام شرف لتشكيلها.. تشويش واسع من جهات عديدة تطرح أسماء بلا خبرة فنية أو سياسية، لاهى تكنوقراط، ولا ذات سوابق سياسية. وهو ما قد ينبىء بتكرار التعثر. التشويش يصنعه زعماء الكلام، ممن يطلقون حلولا شفهية لكل المشاكل دون أن ينظروا لمعطيات مرحلة انتقالية لا تتحمل القرارات الكبرى. وحتى لو كانوا يعلنون رفض المناصب، فهم يريدون فرض وصاية على الحكومة والقرار. الخطأ الاول الذى ارتكبه الدكتور عصام شرف، عندما قدم وعودا ضخمة بتحقيق كل مطالب الثورة، وهى مطالب تحتاج لسنوات. و ليست كلها من مهام حكومة تسيير أعمال ولا حتى المجلس العسكرى. بل إن دورهما الحفاظ على كيان الدولة حتى تكتمل السلطات التشريعية والتنفيذية، وتكون الحكومة مسؤولة أمام برلمان ورئيس منتخب يدير العملية السياسية، ويكون القضاء هو الحكم. الإفراط فى الوعود كان الخطأ الأول لشرف ومعه المجلس العسكرى، وكان عليهم إعلان برنامج يضع فى الاعتبار المهام العاجلة والأخرى الآجلة، لحين اكتمال المؤسسات.
الخطأ الثانى أن الدكتور شرف يريد إرضاء كل الأطراف حتى لو كان لبعضها مطالب غير قابلة للتحقيق الآن.
يشارك شرف فى هذا الخطأ التيارات والائتلافات التى قدمت له قوائم بأسماء لاعلاقة لها بالسياسة ولا الخبرة، و كل مواهبها أنها تتحدث كثيرا فى الفضائيات وتخلو القوائم من أسماء جديدة لخبراء أو مختصين. وتكرر خطأ النظام السابق عندما كان يتعمد تصعيد الأقل كفاءة، والأكثر ولاء، وهو ما نراه الآن فى قوائم مرشحى الائتلافات، أو مستشارى شرف. حيث يتم ترشيح إعلاميين لوزارات فنية مثل الرى والزراعة والكهرباء. مع أننا لم نصل بعد لنظام، يسمح بجعل منصب الوزير سياسيا وليس فنيا. وهل يمكن أن ينجح وزير مدنى فى قيادة وزارة مثل الداخلية.. وهل يمكننا أن نتحمل التجريب فى الحكومة؟ مع الأخذ فى الاعتبار أننا ليس لدينا أحزاب، يمكنها أن تكون مراكز تدريب لممارسة السياسة، حتى يمكن للوزير أن يجرب نفسه فى حكومة ظل، يدرس فيها ملفات المهام التى يفترض أن يتولاها. الأفضل أن يقدم شرف أو أى حكومة برنامجا عاجلا قصير المدى، يبدأ باستعادة الأمن وحل أزمات مثل المرور ومواجهة البلطجة والجريمة، مع برامج عاجلة لمواجهة الفقر، والعلاج والمستشفيات والعلاج على نفقة الدولة. مع إعلان برنامج آخر طويل المدى للتعامل مع القضايا الكبرى. لأن استمرار الوضع بهذا الشكل يعيدنا إلى نقطة الصفر، ويجعل من الصعب الشعور بتقدم.. ولو طفيف، وعليه أن يفكر فى أفضل البرامج، وليس فقط فى إرضاء مطالب نظرية. وعلى المشتاقين أن يكفوا عن التشويش وفرض الوصاية، ويتركوا لرئيس الحكومة الحرية فى الاختيار حتى يمكنهم أن يحاسبوه على النتيجة. مطلوب رئيس حكومة قوى، بعيدا عن المشتاقين والأوصياء.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة