فى السياسة ليست هناك عداوات أو صداقات دائمة، لكن هناك مصالح دائمة، والمصلحة المشتركة هى التى تفرض واقع التحالفات الآن فى السياسة المصرية بعد ثورة 25 يناير، وربما يأتى إعلان تحالف حزب الوفد الليبرالى مع جماعة الإخوان المسلمين ممثلة فى حزب الحرية والعدالة فى قمة مفاجآت التحالفات السياسية التى تتشكل الآن فى مصر استعدادا للانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، وهو ما أثار دهشة المراقبين والدارسين لتاريخ العلاقة بين الوفد والإخوان والعداء السياسى بينهما قبل ثورة يوليو 52.
فما الذى تغير أو تبدل حتى يتم الإعلان عن هذا التحالف التاريخى أيضا؟ هل تغيرت نظرة الجماعة إلى الوفد أو تبدلت نظرة الوفد إلى الجماعة؟ أم أن الواقع السياسى الحالى هو الذى فرض التحالف الجبرى؟ ومن المستفيد الفعلى من هذا التحالف؟
الوفد خاض قبل ذلك فى انتخابات 84 فكرة التحالف مع الإخوان بعد قطيعة وعداء استمر أكثر من نصف قرن رغم الخلاف الفكرى والإيديولوجى، وأدى هذا التحالف إلى استقالات عديدة من الوفد الليبرالى احتجاجا على تحالفه مع الإخوان، واعتبار ذلك مجرد ستار شرعى للجماعة للوصول إلى البرلمان عبر البوابة الشرعية للوفد، ولم يكلل التحالف بالنجاح، وانتقل الإخوان بعد ذلك إلى شرعية جديدة هى شرعية حزب العمل الاشتراكى!!
لا أحد ينكر حق أى حزب فى التحالف والتنسيق و«التربيط» مع أى حزب أو فصيل سياسى آخر لتحقيق أهداف سياسية أو أغراض انتخابية، لكن المشكلة فى تحالف الوفد والإخوان هى العلاقة المعقدة والاختلافات البينة بينهما، إضافة إلى «التاريخ» الذى لابد من حسمه بالمكاشفة والمصارحة والاعتذار. فهل يتنازل الطرفان وتتبدل التوجهات والأدبيات السياسية التى مازالت قائمة فى نظرة كل طرف للآخر؟
كتابات وأفكار الجماعة تجاه حزب الوفد مازالت تمتلئ بها كتب الآباء المؤسسين والملهمين للجماعة، فهل يتم تنقية تلك الآراء التى تربت عليها أجيال وأجيال من الإخوان، «فالوفد حزب ليبرالى لا يستمد مبادئه من الشريعة الإسلامية، وهو يعمل على سياسة إن لم تكن تناوئ أصول الإسلام فهى على الأقل لا تعنى بشأنه، ويسرها أن تتخلص من تبعاته». هكذا تؤكد أدبيات الجماعة.
لسنا ضد التحالفات بين الوفد والإخوان لكن لعنة التاريخ والخلاف الإيديولوجى والفكرى تظل حاضرة مادامت المصارحة والمكاشفة لم تتم .