نيلسون مانديلا أحد أعظم الزعماء فى التاريخ، أسقط أخطر الأنظمة العنصرية، طوال 40 عاماً قضى 29 عاماً منها فى السجن. أسقط النظام الظالم وسعى لإقامة نظام ديمقراطى، حرر جنوب أفريقيا من العنصرية ورفض أن يستعبد شعبه. اليوم هو عيد ميلاد نيلسون مانديلا الثالث والتسعين. وما زال يؤكد أن إقامة العدل أصعب من هدم الظلم.
مانديلا سعى لإسقاط نظام باطل ليقيم نظاماً عادلاً. وكان يرى أن البيض وهم يمارسون الفصل العنصرى ضحايا للكراهية والتحيز وضيق الأفق. وأصر على إقامة نظام عادل وديمقراطى تعيش الأعراق المختلفة فى ظله حياة عدالة وكرامة وأمانا.
بمناسبة عيد ميلاده الثالث والتسعين بعث مانديلا برسالة نشرتها صحيفة موريتانية إلى الثوار فى كل من تونس ومصر، قال فيها «ما زلت أذكر يوم خرجت من السجن بعد 29 عاماً لأنى حلمت أن أرى بلادى خالية من الظلم والاستبداد. وأمام السجن تساءلت: كيف سنتعامل مع إرث الظلم لنقيم مكانه عدلاً؟. ويقول للمصريين والتونسيين: أكاد أحس هذا السؤال هو ما يقلقكم اليوم. وقد تحُدّد الإجابة عنه اتجاه ثوراتكم. ويقول إنه من متابعة تفاصيل الجدل السياسى اليومى فى مصر وتونس أن معظم الوقت مستهلك فى مهاجمة كل من كانت له صلة مع النظام البائد. يرى مانديلا أن استبعاد كل من كانت له صلة بالأنظمة السابقة قد يشكل خطأ، وخطرا على الثورة» لأن مؤيدى النظام السابق كانوا يسيطرون على المال والأمن والعلاقات الخارجية. وأن استهداف المؤسسات الاقتصادية أو غيابها أو تحييدها قد يشكل كارثة اقتصادية. كما أن استهداف «الفلول» قد يدفعهم للعمل على إجهاض الثورة فى مرحلة تتميز عادة بالهشاشة الأمنية وغياب التوازن.
مانديلا عرف بأنه جمع بين النضال والبرجماتية ويرى أن التخلص من كل أتباع النظام السابق صعب، مشيراً إلى تحول بعضهم من منافقة النظام السابق إلى تمجيد الثورة، ويقول: «لا تلوموهم بل شجعوهم حتى تحيدوهم، وثقوا أن المجتمع فى النهاية لن ينتخب إلا من ساهم فى ميلاد حريته».
ويرى أن النظر إلى المستقبل والتعامل معه بواقعية أهم بكثير من الوقوف عند تفاصيل الماضى المرير. مانديلا عارض مطالب السود بالتفرغ للانتقام «وكان الخيار الأمثل، ولولاه لانجرفت جنوب أفريقيا إلى الحرب الأهلية أو إلى الديكتاتورية». ويرى أن العنصرية والظلم أحياناً يصيبان المظلوم بنفس أعراض الظالم ليتحول الانتقام إلى عنصرية عكسية.
مانديلا شكل لجنة «الحقيقة والمصالحة»، التى جلس فيها المعتدى والمعتدى عليه وتصارحا وسامح كل منهما الآخر. ربما تبدو نصائح مانديلا صادمة للبعض لكنه بخبرته يؤكد أن تلك السياسة نجحت.. ويختم مانديلا رسالته: أتمنى أن تستحضروا قولة نبيكم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء». فى إشارة لمقولة الرسول عند فتح مكة.
هذه دروس مانديلا، ومعجزته، ما الذى يمكننا أن نتعلمه منه؟.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة