الدكتور عصام شرف أمام لحظة فارقة الآن تواجهه مسؤولية تاريخية فى ظروف غاية فى الصعوبة تمر بها مصر، فإما أن يكون رئيس وزراء بمعنى الكلمة أو عليه أن يتخلى عن تلك المسؤولية وفورا.
الفرصة الثانية بعد تشكيل الحكومة الجديدة سانحة أمام الدكتور شرف ليثبت للناس أنه رجل دولة حقيقى يستطيع أن يتخذ القرارات الصعبة ويواجه معارضيه ومنتقديه بأسلوب القائد المحنك. كل الناس تشهد له بالنزاهة والطهارة ونظافة اليد، لكنها تحتاج فى الوقت نفسه إلى كاريزما القائد الذى يقود السفينة بحسم وحزم، القائد القادر الطاهر أيضا، القادر على اتخاذ القرار وتحقيق الإنجاز، والطاهر والمنزه عن هوى السلطة.
الكرة الآن فى ملعب الدكتور شرف وحكومته الثانية بعد فراق وطلاق الأولى التى عجزت عن تحقيق مطالب الجماهير ولم تعكس روح التغيير الجديدة فى مصر فدارت حول بعض أعضائها الشكوك والظنون، فكان لا بد من الإقصاء والإبعاد، وإذا كانت كلمات الدكتور شرف تلمح فى بعض الأحيان إلى أن قراره فى اختيار الوزراء ليس فى يده وحده وكان يبدو أنه مكبل ومقيد فى تغيير بعض الوجوه، فإن المجلس العسكرى أعلنها صراحة بأنه يدعم الدكتور شرف ويترك له كل الصلاحيات فى اختيار الوزراء واتخاذ القرارات. ليس هناك حجة الآن فى تحمل المسؤولية كاملة الآن والشروع على الفور فى العمل الثورى الجاد الذى يلبى المطالب العاجلة ويحقق الأمل والطموح المنتظر فى «الحكومة الثانية».
استبعاد الوزراء المحسوبين على النظام السابق ولجنة السياسات والوزراء العجزة الفشلة الذين تعاملوا مع مطالب الثورة بارتباك وتردد، كان أمرا مطلوبا ومقضيا، واختيار وجوه جديدة قادرة على العمل بثقة دون إبطاء هو ما نريده الآن.
وأيا كانت الشخصيات والأسماء فإن الدكتور شرف وحكومته مطالبة الآن تحت ضغط الشارع واللحظة الانتقالية الحرجة فى تاريخ مصر السياسى بإنجاز الملفات العاجلة فى سرعة المحاكمات لرموز النظام السابق ووضع خطة شاملة للتطهير والتغيير فى مؤسسات الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية المتمثلة فى الوقت الراهن فى رفع الحد الأدنى للأجور ووضع الحد الأقصى، كما صرح الدكتور حازم الببلاوى. ثم الملف الأخطر وهو ملف الأمن الغائب وعودة الاستقرار إلى الشارع والقضاء على الفوضى والبلطجة.
وأقول للدكتور شرف: عليك أن تواجه الناس بخطتك للمرحلة القصيرة القادمة وتثبت أنك أهل للمسؤولية وقادر على تحقيق مطالبهم المشروعة. والثقة فيك مازالت موجودة فلا تبددها بيدك.. نريد منك أفعالا من أجل المصلحة العامة وليس من أجل تظاهرة هنا أو هناك، فمصر أكبر من الجميع وفوق الجميع.