حسنا فعل اللواء منصور العيسوى وزير الداخلية بإخطار النيابة العامة لاستدعاء المقدم محمود عبد النبى الضابط بمديرية أمن المنيا، لسؤاله فيما ورد فى اتهاماته لوزارة الداخلية بالضلوع فى عملية خطف الكاتب الصحفى مجدى حسين، والاعتداء على الكاتب الصحفى عبد الحليم قنديل، وكذلك قتل الكاتب الصحفى رضا هلال.
حسنا فعل وزير الداخلية، خاصة وأن اتهامات عبد النبى وصلت إلى اتهام جهاز أمن الدولة المنحل بالمسئولية عن تفجير كنيسة القديسين، وهنا نحن لسنا أمام معلومات مجهلة منشورة على الإنترنت أو على بعض المواقع الدينية المنحازة، ولسنا كذلك أمام شائعات يتداولها البعض على مواقع التواصل الاجتماعى، لا نحن أمام أقوال ضابط شرطة مسئول، وهى اتهامات لو أثبتت تحقيقات النيابة صحتها سنكون أمام فضيحة مدوية، الله وحده يعلم إلى أى مدى يمكن أن تصل بنا.
المقدم محمود عبد النبى يتهم الشرطة صراحة بتزوير انتخابات 1995، ويحكى كيف جمع اللواء محمود وجدى وزير الداخلية السابق، الذى كان وقتها مديرا للإدارة العامة لمباحث القاهرة جميع ضباط مباحث القاهرة فى اجتماع بمديرية أمن القاهرة، بحضور العادلى قائلا إن الشعب المصرى غير مؤهل لاختيار أفضل العناصر لمجلس الشعب، ولهذا يجب أن يتولى رجال الشرطة اختيار أعضاء مجلس الشعب من أجل حماية الوطن وتحقيق الصالح العام.
الأخطر أن عبد النبى يؤكد أنه سمع أمرا لجميع الضباط عبر جهاز اللاسلكى فى الرابعة من عصر يوم 28 يناير المعروف بـ "جمعة الغضب"، يقول "التعامل مع المتظاهرين بالذخيرة الحية"، وهكذا فإن اتهامات المقدم عبد النبى تجمع بين أشهر جرائم الاختفاء القسرى والإرهاب الذى يستهدف الفتنة الطائفية، وكذلك أشهر الجرائم المرتكبة بحق ثوار يناير، مما يستوجب فتح تحقيق موسع من خلال لجنة مستقلة لا تكتفى بسماع أقواله فقط، بل تستدعى كل الأطراف التى أشار إليها فى اتهاماته، وكذلك عدداً من زملائه الذين تلقوا، حسب قوله، الأمر بتزوير الانتخابات أو إطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين.
أعلم أن نكأ هذه الجراح قد يطيح برءوس كثيرة فى مواقع السلطة، وبالتأكيد سوف يسبب لنا جميعا قدرا كبيرا من الألم، لكن لا بديل عن هذا التحقيق الموسع المعلن أمام الناس كافة أولا بأول، فهو بمثابة التطهير الضرورى لجراح قديمة متقيحة التأمت ولم ُتشف بالكامل، ولذلك تنفجر مثل المرض المزمن بين وقت وآخر.
التحقيق الموسع الشفاف والمعلن لا غير، فبعد هذه الاتهامات الخطيرة الصادرة من ضابط شرطة لا يمكن القبول إلا بفتح كل الملفات، وكشف المستور من الجرائم، ومعاقبة مرتكبيها بالقانون، أو معاقبة المقدم محمود عبد النبى نفسه بما يستحقه، إذا عجز عن إثبات اتهاماته أمام جهات التحقيق.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة