يثير البيان رقم 69 للمجلس العسكرى القلق البالغ والانزعاج فى الشارع المصرى، فقد وجه اتهاما واضحا لأول مرة لإحدى الحركات السياسية التى ساهمت بفاعلية وقوة فى ثورة 25 يناير وهى حركة 6 أبريل، على عكس كل البيانات السابقة التى حملت سواء تحذيرات عامة أو تأكيدات على مواقف معلنة للمجلس العسكرى من الانحياز إلى الثورة والعمل على تحقيق أهدافها.
بيان الأمس خطير جدا ولأول مرة أيضا يستخدم كلمات «التخوين والعمالة» ضد مجموعة معينة يرى أنها تسعى لإثارة الفتنة للوقيعة بين الجيش والشعب على خلفية المظاهرات التى توجهت مساء الجمعة من التحرير إلى العباسية، وهو ما رفضته الحركة فى بيانها. بما يعنى أن 6 أبريل أصبحت فى المواجهة مع المجلس العسكرى والاتهام واضح وصريح، والخوف من إجراءات استثنائية يمكن اتخاذها ضد الحركة وأعضائها فى الأيام المقبلة.
ولا نتمنى أن يلجأ المجلس إلى تلك الإجراءات التى تزيد الوضع تعقيدا واشتعالا، وأن يسعى إلى الاحتواء وليس التصعيد، ولكن عليه أيضا أن يكشف عن كا الحقائق والمعلومات التى لديه والتى على أساسها وجه اتهامه المباشر إلى حركة 6 أبريل بالسعى للوقيعة بين الجيش والشعب، فالاتهام عندما يصدر من المجلس العسكرى فلابد أن يكون لديه حقائق ووثائق تؤكد اتهامه للحركة، وبالتالى يجب الكشف عنها للرأى العام فى مرحلة تتعرض فيها الثورة المصرية الوليدة إلى مخاطر حقيقية وتواجه خطر الانقسامات والتفتت بين ائتلافاتها وحركاتها وبين مطالبها.
ما يحدث على أرض الواقع أصبح غامضا وغير مفهوم فى ظل تباين المواقف وعدم وضوح المطالب والاختلاف عليها، ولا أحد لديه القدرة الآن على فهم الصورة كاملة، ومعرفة من يحرك المشهد نحو التصعيد، وعدم إتاحة الفرصة لالتقاط الأنفاس بعد تشكيل الحكومة وصدور بيان التكليف لها والإعلان عن خطوات سريعة لتنفيذ ما تبقى من المطالب.
الدعوات المتواصلة للتصعيد دون رؤية واضحة واتفاق على مطالب محددة والتحاور بشأنها يثير القلق ويفرض مسؤولية وطنية على القوى والحركات السياسية للحفاظ على الثورة وتماسكها وزخمها وصورتها السلمية التى أبهرت العالم.
ولنكن صرحاء، فقد بات واضحا أن التعاطف الشعبى مع الميدان ومن فيه الآن يذهب فى الاتجاه العكسى، وصورة الميدان تزداد غموضا.