منذ عدة أيام، قام المتظاهرون فى وقت واحد تقريباً، بالهجوم على المنطقة العسكرية الشمالية فى الإسكندرية، وعلى قيادة الجيش الثانى الميدانى فى معسكر الجلاء بالإسماعيلية، ومقر قيادة الجيش الثالث الميدانى بالسويس، مع قطع الطريق بالعباسية، ومحاولة الهجوم على وزارة الدفاع بالقاهرة.. وذلك فى سابقة فريدة لم تحدث من قبل منذ بداية ثورة 25 يناير.. فقد نجحت هذه الثورة المصرية المباركة نتيجة التحام الجيش المصرى مع الشعب.. وانحياز الجيش إلى شعبه وإرغامه للرئيس مبارك على ترك الحكم.. والحفاظ على الأمن القومى المصرى داخلياً وخارجياً.. وتسيير دفة الحياة المصرية دون انقطاع.. فلم يحدث فى تاريخ مصر أن نفض الشعب المصرى يده من جيشه.. والعكس صحيح.. فقد وقف الجيش المصرى إلى جوار شعبه طوال التاريخ المصرى كله، بدءا من حطين وعين جالوت وحتى ثورة 25 يناير مروراً بثورة عرابى وثورة 1952 وحرب 1956 وحرب التحرير المجيدة، وهذه أول مرة يريد البعض الاصطدام بجيشه، بل يحاول الاصطدام به والذهاب إلى وحداته المقاتلة ليستفزها ويصطدم بها ويلقى عليها الحجارة.. ما هذا الذى يحدث من هذا الشباب المتظاهر؟ لقد كان بعض هذا الشباب المتظاهر من قبل يدعى أنه ضد المجلس الأعلى وليس ضد الجيش المصرى! ولعل هذا الادعاء قد كذبه هذا الهجوم المتناسق على وحدات مقاتلة من الجيش، وشتم وسب الجيش الثانى فى الإسماعيلية، ووصفه لأول مرة فى التاريخ أنه أشبه بأمن الدولة سابقاً؟.. أما فى الإسكندرية فقد قطعوا الطريق وألقوا الحجارة على البلكونات المجاورة للمنطقة العسكرية لإنزال الأهالى للمشاركة معهم.. وقذفوا الجنود بالحجارة.. وحاولوا القفز من سور القيادة الشمالية، إنها خطة محكمة من هؤلاء لجر الجيش المصرى إلى عمل مذبحة فى هؤلاء المتظاهرين ثم جر المجلس العسكرى إلى المحاكمة.. وجر البلد كله إلى الهاوية.
ورغم كل هذا الاستفزاز لم يطلق عليهم الجيش طلقة واحدة، ولكنه أطلق النار فى الهواء لتفريقهم.. لقد فسر هؤلاء أنه لولا المجلس العسكرى والجيش المصرى لكنا الآن مثل ليبيا وسوريا واليمن.. إن هؤلاء يريدون تحويل مصر إلى ليبيا وسوريا.
إنهم يريدون تحطيم القوة الوحيدة المتماسكة التى تحفظ تماسك الوطن حتى تتحول مصر إلى فوضى أو تقسم إلى دويلات مثل العراق بالأمس أو اليمن وليبيا الآن.
إن معدل الهدم اليوم فى مصر أكثر من البناء.. إن لم ننتبه لذلك فسوف تحدث كارثة.. وإن أصحاب الأجندات الخارجية يعملون بكل جهد لهدم ما تبقى فى مصر من تعطيل كل بناء.. إن قطع الطريق جريمة.. والهجوم على الوحدات العسكرية جريمة.. وإلقاء الحجارة والطوب على البيوت جريمة.. فمتى يحاسب هؤلاء على هذه الجرائم حتى لا تتحول مصر إلى فوضى؟.. ومتى نعلم أن هناك حدوداً للأمن القومى لا ينبغى تجاوزها مهما كان ومن أى أحد كان؟.. إن الثورة المصرية الوليدة تعانى الآن من أزمة عنيفة ولا بد من التصدى السريع لحلها.. حتى لا تتحول الثورة إلى فوضى.. وحتى لا تتحول النعمة إلى نقمة.. إن ثورة 25 تحتاج إلى من يرشدها وينقذها قبل أن يفوت الأوان.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة