السؤال الذى لم تجب عنه التيارات الإسلامية، التى دعت للحشد فى «مليونية الجمعة» القادم بميدان التحرير هو لمن توجه رسالتها برفع شعار «جمعة الهوية»، ومن تريده أن يتسلم رسالة استعراض القوة، التى أعلنت عنها من حيث القدرة على حشد 10 ملايين عضو من أعضائها.
هل هى رسالة لباقى التيارات السياسية والفكرية والدينية الأخرى فى المجتمع وإظهار «العين الحمرا»، لها بأن الأكثر عددا وحشدا هو الذى سيفرض فى النهاية كلمته ورأيه أم أنها رسالة للمجلس العسكرى الذى أكد تكرارا ومرارا أن مصر ستبقى دولة مدنية حديثة وأنه لن يسمح لتيار أو جماعة ما بالقفز على السلطة.
هناك تخوفات حقيقية من المليونية القادمة والتصريحات المتضاربة فى الدعوة لها والهدف منها هى التى فجرت تلك المخاوف، فقيادات الجماعة أعلنت الحشد من أجل «تطهير الميدان» ثم تراجعت عن ذلك، والآراء والمواقف متباينة من المليونية القادمة بين معارض لها فى هذا التوقيت ومؤيد بشروط أن تكون جمعة للثقة والوحدة والالتفاف حول مطالب الثورة.
القضية الآن ليست فى القدرة على الحشد من تيار ما واستعراض قوته فى «كرنفال الميدان» لأن ذلك يجنح بنا عن مسار الثورة، التى شارك فيها الجميع بلا استثناء من جميع فئات المجتمع بمسلميه ومسيحيه ولا فضل فيها لتيار على حساب تيار آخر. فالثورة وحدت بين الجميع وانصهرت فيها كل القوى والتيارات والجماعات تحت شعار التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية، وهو أهم ما يميز هذه الثورة وأبهر العالم.
والثورة فتحت الأبواب أمام الجميع ليظهر للنور ويعبر كيفما شاء عن آرائه وأفكاره بما فيها التيارات الإسلامية بتنوعاتها، لكن دون محاولة من أحد باستغلال ما حدث لصالحه ودون انتهازية سياسية لاستعراض عضلات القوة وفرض رأى واحد.
المرحلة الحرجة التى تمر بها مصر الآن تستدعى التوحد بين جميع القوى السياسية والفكرية والدينية من أجل هدف واحد هو تحقيق مطالب الثورة، التى قامت لتحقيقها، وأهمها العدالة الاجتماعية.
فالثورة ما زالت تراوح مكانها بعد مرور 6 أشهر والناس فى الشارع من ملايين البسطاء تنتظر جنى ثمار التغيير الحقيقى وتلمسه فى حياتها اليومية. والحفاظ على الثورة المتوحدة والجامعة هو الطريق الوحيد للوصول إلى الأهداف الحقيقية لها.