طبيعى أن يكون لكل ثورة أعداؤها، أبرزهم الذين هددت ثورة يناير مصالحهم ومواقعهم. والعدو المعلن أفضل كثيراً من العدو الخفى. وأخطر الأعداء من يختفون فى ملابس الثورة ويزايدون على مطالبها، بينما هم فلول. ومعهم الحمقى الذين يؤمنون بالثورة ويمارسون حبهم بتعصب يجعلهم أقرب إلى «الدبة» ومعهم أو المزايدون ومن يرفضون انتقاد الخطأ البين. ومن يقدمون الثورة تقديماً سيئاً لكونهم بلا خبرة ولا هدف غير تلميع أنفسهم.
كل هؤلاء موجودون فى المشهد الآن، فى زحام يشبه زحام «المولد» يصعب معه التمييز بين الصادق والكاذب والمنافق.
الأعداء الطبيعيون للثورة معروفون، هم رجال النظام السابق وأثرياؤه ورجال أعماله وقيادات الحزب الوطنى ممن أطاحت الثورة بمصالحهم وأرباحهم التى كسبوها من السلطة، وليس من تعب خاص. لكن هؤلاء معروفين يسعون بكل وسيلة لمواجهة التغيير والتحول الذى أطاح بهم، لكن الأكثر خطراً من هؤلاء هم الفلول الذين سارعوا بارتداء ملابس الثورة، وهؤلاء كانوا أبواباً خلفية للفساد ورؤوس حراب ضد المعارضة، قفزوا إلى منصات الثورة وأصبحوا أكثر مزايدة من الثوريين أنفسهم. من هؤلاء كبار منافقى النظام السابق، ممن كانوا يقومون بدور مزدوج، معارض شكلاً وفى الموضوع رأس هجوم النظام ضد معارضيه، حلفاء أجهزة الأمن وأبطال معارك الصراع على السلطة لطرف ضد آخر. هؤلاء مازالوا يلعبون الدور نفسه مع الثورة، النفاق والمزايدة نفسهما، التى تخفى أغراضهم. فلول يرتدون ملابس الثورة. هم من يطلق الشائعات ويخترع قضايا وهمية، ليبعد عن نفسه شبهات فساد مؤكدة. تعرفهم من أوراقهم وشائعاتهم المضروبة. يدعون مقاومة فساد كانوا شركاء فيه. الفلول من مرتدى ملابس الثورة يصعب كشفهم، فهم أحياناً أعلى صوتاً، وأكثر مزايدة.
وخلف هؤلاء بخطوة الانتهازيون، ممن كانوا يعارضون النظام السابق من باب المنافسة، لا يشغلهم تغيير النظام، وإنما أن يحلوا مكان رجاله، يمتلكون القدرة على المزايدة، ولا يفرقون بين أهداف الثورة وأهدافهم الشخصية.
وهناك أيضاً الثوريون المتطرفون الذين يركزون على المعارك الفرعية ولا يميزون بين أهداف الثورة وبين التصرفات الصبيانية التى تكون خسائرها أكثر من مكاسبها، ولايجدون من بين المدعون الجدد من ينتقدهم أو يقاوم المعارك الفرعية. فى موقعة العباسية اختلط الفلول بالمتظاهرين بالبلطجية، وقبلها التحرير والبالون وشكلت مع بيانات المجلس العسكرى تصعيدا ومقدمات صدام.
ووسط كل هؤلاء يختفى الثوار الحقيقيون ممن يعرفون الأهداف ويدركون خطورة المعارك الجانبية التى تستنفد الجهد والوقت.
الأعداء المختفون والفلول فى ملابس الثورة ومعهم من يتحدثون باسم الثورة ويضرونها أكثر من أعدائها. المتعصبون والمزايدون ومحدثو النجومية ممن يفقدون الثورة أنصارها لأنهم يقدمون خطاباً كئيباً، يفتقد إلى الروح ولا يسعى لكسب الرأى العام. إذا عرفت الثورة أعداءها تسير أسرع نحو أهدافها.