يكثر الحديث هذه الأيام عن حزب الكنبة، فقد صار مصطلحا واسع التداول، وكان بداية استخدامه من بعض شباب الثورة والإتلافات التى ظهرت فى أثرها، وكان يقصد بهذا التعبير نوع من السخرية من هؤلاء الذين يجلسون فى بيوتهم ويمارسون حياتهم دون مشاركة فى الأحداث، إلا بالتقييم والرفض أو القبول أو الانتقاد للثوريين.
وكانت هذه السخرية من جموع كثيرة للشعب قصر نظر ممن أطلقوا عليهم هذه التسمية، لأن هؤلاء هم من يمثلون الغالبية العظمى للشعب، فالتاريخ يؤكد أن التغير فى أى مجتمع عادة ما تقوم به نخبة ولا يحدث إلا إذا أقرته الغالبية الصامتة أو بعبارة أخرى حزب الكنبة.
وأزعم أنه حين فصل الثوار أنفسهم عن حزب الكنبة وبدا وكأنهم تعالوا عليهم حدث شرخ فى جدار ذلك التلاحم، الذى ضم ملايين الملايين من المصريين ما بين 25 يناير حتى 11 فبراير، وما بعدها ببعض الوقت. وبدا المشهد التالى فُرقة ليست سياسية فقط بين مختلف الفصائل السياسية، ولكنها فُرقة بين أغلبية كانت داعمة للكل وتكاد الآن أن تكفر أيضا بالكل، وهو عين الخطر على ثورة لم تبلغ بعد مرحلة الأمان.
ودعنى أزعم أن هناك فقدان التواصل بين جموع الشعب غير المتعاملة بالإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى وبين من يتعاملون مع هذه الوسيلة للمعرفة أو لحشد مؤيدين لأفكارهم يزيد من هوة الحديث عن حزب الكنبة، فمستخدمى الإنترنت وشبكات التواصل كانوا 21 مليون مصرى قبل الثورة وزادوا إلى 23 مليوناً بعدها، أى أنهم يمثلون فقط 24% من مجموع الشعب وهى نسبة قليلة بالتأكيد حتى لو كانت كثيرة مقارنة بدول أخرى فى المنطقة.
وهو يعنى أن من يستخدمون هذه الوسيلة للحشد أو الاختلاف يتصورون خطأً أنهم يملكون الانتشار الكافى لأفكارهم مما يعطيهم قوة زائفة تزيغ عيونهم.
ويقع فى هذه المعضلة كل الفصائل السياسية إلا فصيل واحد حتى وإن بدا متعدد الأسماء، وهو فصيل أسلمة السياسة أو تسييس الإسلام، ودعنى أنقل لكم بعض مما كتبه مستخدمى تويتر والفيس بوك أثناء وبعد مليونية الجمعة الماضية لعلى أكون همزة وصل بين حزب كنبة الإنترنت وحزب كنبة بقية الشعب الذين لا يقعون فى دائرة الـ24%.
1-السلفيون لم يكونوا من المحتجين فى الشهور الماضية ولكنهم كانوا يعملون على الأرض، وإحنا فرحانين بالتحرير ومناطحة العسكر.
2- يعنى إييه كوكا زيرو يعنى كنيسة قصر الدوبارة تفتح أبوابها للمسلمين يتوضوا فيها بدون إجراءات أمنية والناس بره تقول عايزينها إسلامية.
3-لكل محتقن بسبب السلفيين تذكر أن من يعبر عن رأيه اليوم بلافتات كان يعبر عنه بالسيف والجنزير منذ عامين.
4-إصرارنا إن الإسلاميين بيقبضوا من السعودية وإن اللى بيضربونا بلطجية بفلوس ما يخليناش أحسن كتير من اللى قالوا علينا أجندات كنتاكى.
5- إذا اختلف أحد مع رئيس الجمهورية يستطيع اللجوء للقضاء، أما إذا اختلف أحد مع البابا فلمن يلجأ لمحاكمته؟
6- نفسى لما اكبر وولادى يتفرجوا على الثورة فى التلفزيون يشفوها ان كت uncut
فهل بعد قراءتك لمثل هذه التعليقات لو كنت من حزب كنبة الشعب لديك نية للتفاهم مع أصحاب حزب كنبة الإنترنت، أم أننا سنظل هكذا شعب يسكن جزراً منفصلة؟