د. محمد شومان

تحولات جمعة وحدة الصف

الأحد، 31 يوليو 2011 04:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكتب هذه السطور بعد صلاة جمعة الإرادة الشعبية ووحدة الصف، التى جاءت على النقيض من اسمها، فهى بصراحة لم توحد الصف، وإنما جسدت الانقسام والاختلاف الفكرى والسياسى بين قوى الثورة، وفشلت فى استعادة روح ثورة 25 يناير، وهو ما يعبر عن تحولات تنذر بمخاطر تهدد ثورتنا، وسأبدأ أولا بالتحولات، والتى تشكل فى مجملها قطيعة مع ممارسات ثورتنا، ولعل أهمها:

سيطرة الشعارات التى تطالب بالدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية وترفض المبادئ فوق الدستورية.. وهى أمور تتعلق بشكل الدولة والمجتمع بعد الثورة، ولاشك أن رفع هذه الشعارات حق أصيل للقوى الإسلامية فى إطار حرية الرأى والتعبير، لكن الصدمة أن ترفع هذه الشعارات والمطالب فى ظل ما قيل عن توافق كل القوى والأحزاب والائتلافات الثورية على عدم رفع شعارات حزبية أو مطالب خاصة، وفى ظل التزام الأحزاب والقوى المدنية بعدم رفع شعاراتها، ما يعنى أن القوى الإسلامية مارست حرية الرأى والتعبير وحرمت القوى المدنية من ممارسة نفس الحق.

عدم التزام القوى والأحزاب الإسلامية بوعود وحدة الصف وبالحقوق المتساوية لكل شركاء الثورة فى ميدان التحرير أمر ينذر بسلوك غير ديمقراطى فى المستقبل، وعدم الالتزام حال وصولهم للحكم بحقوق الأقليات، وأعتقد أن ما يرجح حدوث ذلك هو أولا الطابع المغلق لفكر تلك القوى التى تخلط بين الإلهى المطلق والسياسى النسبى، فأفكارها وبرامجها هى بدرجة أو بأخرى كلام الله وشريعته، وبالتالى فإن الاختلاف معها يعنى الخروج عن الدين، ثانيا شعور القوى الإسلامية بكثرتها وإمكانية حصولها على أغلبية الناخبين، ورغم أنه يصعب التسليم بذلك فإن الممارسات الفعلية للقوى الإسلامية فى التحرير جسدت بصورة ساذجة هذا الشعور، حيث حشد الإخوان والسلفيون أنصارهم من كل محافظات مصر، وفرضوا إيقاعهم على الميدان منذ ليلة جمعة وحدة الصف (الفصل بين الرجال والنساء)، ومع صلاة الفجر كانوا أغلبية الحضور، ومن ثم سيطروا على المنصات الرئيسية، وحملوا أعلاما ورموزا ورفعوا شعارات تخصهم وحدهم، وتعبر عن أهدافهم بعيدا عن بقية القوى الثورية المعتصمة منذ 8 يوليو الماضى.

إن استعراض القوة الذى مارسته بنجاح قوى الإسلام السياسى فى التحرير تزامن مع إعلانها الدعم والتأييد غير المشروطين للمجلس العسكرى، والإشادة بدوره مع مطالبته - فى خطاب معتدل - بسرعة تنفيذ أهداف الثورة، وأبرزها الالتزام بإجراء الانتخابات البرلمانية فى سبتمبر بدلا من نوفمبر القادم، وعدم الالتزام بما سبق أن أعلنه المجلس من إصدار مبادئ فوق دستورية، وأعتقد أن المجلس العسكرى فى حاجة ماسة إلى هذا الدعم، فى ظل ملابسات مظاهرة العباسية واتهامات حركتى كفاية و6 أبريل، من هنا فإن هذا الدعم لا يخلو من انتهازية سياسية من جانب «الإسلامويين» الذين يؤكدون بهذا رغبتهم فى التحالف مع المجلس العسكرى لحين تسليمه السلطة لرئيس منتخب، وتوقعهم الحصول فى المقابل على مكاسب سياسية.

المكاسب المتوقعة لـ«الإسلامويين» تقودنى إلى الحديث عن المخاطر التى تهدد ثورتنا، ويمكن أن يحدث الخطر الأول فى حال تراجع المجلس العسكرى عن المبادئ فوق الدستورية وعن تأجيل الانتخابات فى نوفمبر القادم، وبالتالى إثارة مخاوف قوى الدولة المدنية والمسيحيين، خاصة أن شعارات قيام الدولة الإسلامية قد أثارت مخاوف المسيحيين، من جانب ثان فإن تراجع المجلس العسكرى - أرجو ألا يحدث - سيرجح كثيرا من الشكوك حول الغموض والارتباك فى قرارات المجلس، وحول تحالف الإخوان والسلفيين مع المجلس العسكرى، أو على الأقل عدم وقوف الأخير على مسافة متساوية من الأحزاب والقوى السياسية المختلفة.

أما الخطر الثانى فيأتى من احتمال أن ينظر الغرب للثورة المصرية بعد جمعة أول أمس على أنها ذات طابع «إسلاموى»، مما يدفعه لتشجيع سيناريوهين بعيدين تماما عن الديمقراطية الحقيقية، الأول أن يعلن عداءه لثورتنا ويمارس ضغوطا على المجلس العسكرى لإبعاد «الإسلامويين» أو الحد من قوتهم، وقد يسمح هذا السيناريو ويشجع على استمرار المجلس العسكرى فى الحكم.. أما السيناريو الثانى فهو أن تشجع الولايات المتحدة والغرب على وصول الإخوان المسلمين للحكم - مع استبعاد بقية القوى «الإسلاموية» - ضمن تفاهمات محددة، مع الإبقاء على السلطة الحقيقية فى يد المجلس العسكرى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة