لأن الجريمة لا تفيد والحق لا تهزمه الأصوات العالية، ولا جدوى من الجدل الدائر حول الدستور والانتخابات "أيهما أولا" ..ولا طائل من السباق المحموم بين من يريدون إثبات أن الثورة نجحت ومن يؤمنون أنها نجحت بالفعل ويريدون أن يركبوا موجتها، فإن الأفضل أن نقتنع بشىء واحد، وهو أن ثمة تغيير قد حدث، أيا كان حجمه أو إحساسك به فإنه حدث فى النهاية، ولا تستسلم للمروجين لفكرة أن هذا يكفى وعلينا أن نلتفت للمستقبل،
فهؤلاء كما كان موقفهم يصيبك بالحيرة أثناء الثورة ، فإن موقفهم الآن يصيبك بالغثيان، هؤلاء المتمحكون بالشهداء نهارا ، والساخرون من أهاليهم ليلا.. الذين يتحدثون عن الفلول وهم منهم، والذين يصرخون على الثورة المضادة وهم يمولونها، وهؤلاء الذين دشنوا مقالات وبرامج ومبادرات لنصح شباب الثورة بالتعقل والهدوء والبدء فى بناء البلد، متناسين أن البناء لن يتم إلا باستبعادهم من المشهد ، وعدم الاعتداد بآرائهم الخربة وأفكارهم المتخاذلة ، حتى وإن بدا بعضهم وكأنه كان "مجبرا" على النفاق فى الماضى.
هذه الثورة هى مصر الحقيقية التى تمرض ولا تموت، تتعثر ولكنها لا تسقط أبدا ، إنها تكسب كل يوم أرضا جديدة ، وتعرى أمراضا مخبأة ، أنت الآن تستطيع أن تعرف من هم الثورة المضادة بلا شك أو حيرة أو خوف أو تلون تستطيع أن تقول إن الثورة المضادة هم الذين طالبوا شرف بكل حماس أن "يخشوشن" ويتعامل بحزم مع المظاهرات الفئوية، ثم هاجموه وقطعوا وبره بمنتهى الثورية والدفاع عن الحريات عندما أصدر قانونا لتجريمها، دون أن يمنحوه حلا وسطا، الثورة المضادة هم من يتلونون الآن فى الإعلام ليدافعوا عن وزير "فاسد" ليس لأنه سرق ولكن لأنه رأى الفساد بعينه ولم يمنعه، الثورة المضادة هم من يخشون معاقبة عدد من اللاعبين التافهين يسبون بعضهم بالأب والأم أمام الكاميرات ، ويشيرون للآلاف بإشارات خارجة ، الثورة المضادة هم الضباط "المقموصين" فى منازلهم أو خلف مكاتبهم .. هم المسئولون المرتعشون خوفا من عقاب خفى.
احترس يا صديقى ولا تسمح لليأس أن يتسرب إليك، فبداخل كل منا متخاذل قديم أو فل صغير يظهر عند كل بادرة قلق على هذا البلد ، لكنه يختفى مع أول بارقة أمل فى المستقبل، تنجذب أحيانا للثورة المضادة حينما ترى ائتلافات الثورة وشبابها يتصارعون فيما بينهم على كيانات ومسميات وهمية، لكنك تعود لرشدك وترضى بأن الديمقراطية تحتم عليك أن تستمع للجميع ويسمعك الجميع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة