رغم كل المظاهرات التى تمت بعد تنحى مبارك، فإن الدعوة لمليونية اليوم ستبقى فارقة فى تاريخ ثورة 25 يناير، فإما أنها ستقودنا إلى مزيد من الشتات، وإما ستعيد الثورة إلى مسارها الصحيح.
ومن واقع ما جرى فى الأيام الماضية نحن أمام حالة اختلطت فيها الأوراق بين القوى السياسية المختلفة، ما بين مؤيد لإجراء الانتخابات أولاً، وآخرين رأوا فى صيغة «الدستور أولاً» الطريقة المثلى للوصول بمصر إلى بر الأمان، وكان الخلاف نموذجًا لحالة الشتات والفرقة التى دبت بين القوى السياسية، لتصدر إلى الرأى العام أسوأ ما يراه بين من هم المفترض أن يكونوا قيادة لهم، والمؤكد أن هذا الخلاف تسلل إليه الانتهازيون الذين يريدون إعادة العجلة إلى الوراء، فهل كان المطلوب وقوع أحداث دموية كما حدث يوم مأساة البالون حتى يُفيق الجميع على أن هناك من يتربص بالثورة؟
لم يكن الخلاف حول «الانتخابات أولاً.. أو الدستور أولاً» هو الوحيد، وإنما رفعت القوى السياسية بعد الثورة شعارًا عن ضرورة الاتفاق فيما بينها، حول خوض الانتخابات بقائمة موحدة، لكنه ضاع تحت أقدام الرغبة من البعض فى الاستئثار بالكعكة كلها، وكان هذا نموذجًا آخر على عدم نكران الذات من أجل مصلحة الوطن فى مرحلة دقيقة يمر بها، والتعامل على أن الثورة ثورتهم وفقط، ومن يراجع الأحداث الماضية سيعرف من هو المسؤول الأكبر عن عدم الوفاء بالوعد.
لم تفطن هذه القوى السياسية إلى أنه بات من الضرورى، البحث عمّن يجيب للفقراء عن سؤال مهم وهو: ماذا بعد الثورة؟ وأدى تجاهل هذا السؤال إلى إطلالة ثورة الجياع والمحتاجين كما شاهدنا فى احتجاجات أهالى السلام أمام ماسبيرو وغيرها، ولم تفطن القوى السياسية إلى أن علاج الانفلات الأمنى ليس مسؤولية الداخلية وحدها، وإنما هو مسؤولية اجتماعية يتضافر فيها الجميع.
وتكتمل الصورة بحكومة قلت عنها من قبل إن مائة يوم لا تكفى للحكم عليها، لكن أقول الآن إنها تتعامل بسياسة رد الفعل، والدليل أن وزارة داخليتها، تلكأت فى تطهيرها حتى أعلنت عن ذلك مساء الأربعاء الماضى، وبكل هذا أصبحت مليونية اليوم تصحيحًا لمسار الثورة التى تتم سرقتها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة