عادل السنهورى

البحث عن هوية

الإثنين، 01 أغسطس 2011 09:16 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مازلنا مشغولين بقراءة مشهد يوم الجمعة الماضى. الحشد السلفى مع باقى التيارات والحركات الإسلامية فى ميدان التحرير، والقائد إبراهيم، وحشر أنصار وأتباع تلك التيارات فى حافلات من المحافظات إلى ميدان التحرير أثار الكثير من المخاوف لدى باقى التيارات القومية والليبرالية على مدنية الدولة المصرية، و هوية مصر بعد ثورة 25 يناير.

الميدان لم يكن هو الميدان الذى انصهرت بداخله كل طوائف وعناصر الأمة منذ 25 يناير وحتى ساعة التنحى وما بعدها بقليل. الجمعة الأخيرة تبدل المشهد تماما، وسيطر تيار كان بعيدا عنه منذ البداية، بل لم يكن مؤيدا تماما للثورة، والخروج على الحاكم، ولكنه الآن أكثر المستفيدين من الثورة وتداعياتها، فلجأ إلى استعراض القوة والحشد والمراهنة على هوية الدولة الجديدة، وفرض الوصاية على باقى التيارات.

ومع ذلك ورغم مليونية الجمعة الأخيرة، فإن الأمور على الأرض لم تستقر، ولم تحسم أى قضايا كما يظن البعض، فمازالت هناك مياه كثيرة لم تجر فى بحر السياسة المصرية الهائج. والإيجابية الوحيدة فى رأيى.. أن كل تلك التيارات ظهرت على السطح وتحت المجهر بقياداتها وزعاماتها، وعليها أن تمارس السياسة وفقا لقواعد الديمقراطية السليمة، وليس وفقا لديكتاتورية الشعارات الدينية. فالشعب لم يتخلص من ديكتاتورية الاستبداد السياسى، حتى يقع فى ديكتاتورية تريد أن تحكم باسم الدين، فالناس أعلم بشؤون دنياهم. واللعب على هوية مصر، لن يفضى إلى الدولة التى ينشدونها، أو تنشدها الدولة التى رفعوا أعلامها فى الميدان.

فمصر لم تعرف والإسلام عموما لم يعرف ما يسمى بالدولة الدينية، وعندما جاء الإسلام إلى مصر، لم يهدم فى حضارتها التاريخية وهويتها المدنية التى عاشت آلاف السنين، والتى كانت مزيجا من حضارات كثيرة متعاقبة، منها الحضارة الإسلامية بشرائعها السمحة، والتى امتزجت فيها كل الهويات الدينية والثقافية على أرض مصر.

حتى فى مرحلة المد القومى فى الخمسينيات والستينيات، كانت الهوية العربية ذات المرجعية الحضارية الإسلامية هى الحاضرة. وكانت الدائرة الإسلامية حاضرة بقوة فى السياسة الخارجية المصرية، ضمن الدوائر الثلاث العربية والإسلامية والأفريقية. وقدمت مصر للإسلام فى تلك الفترة، ما لم تقدمه دولة أخرى، والحقائق موجودة والتاريخ لا يكذب.

لن يستطيع أحد خطف مصر إلى هوية واحدة، مهما كان الحشد واستعراض القوة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة