كل عام وأنت بخير، أكتب المقال يوم السبت، ليلة رؤية هلال شهر رمضان الكريم، هذه ليلة جميلة لها ذكريات لاتنسى، انتظار اللحظات التى ينطق فيها فضيلة مفتى الديار بثبوت الهلال أو عدم رؤيته، هذا الاحتفال الذى يحمل خصوصية ودفئا يجعل القلب متدفقا بالمشاعر، ومابعده من أغنيات شهر رمضان وأشهرها صوت محمد عبد المطلب بأغنيته المعروفة : رمضان جانا، أغنية سهلة لكنها مؤثرة، تشغل التليفزيونات حتى موعد السحور، تهنئة عفوية تبارك حلول الشهر الكريم، ويتكثف الدعاء كأنه ندى فجر يبلل مشاعر جافة كانت فى حاجة لهذا الحضور الرمضانى الذى يبدو كأنه يفاجئنا، يبدأ سحور اليوم الأول مثل إفطار اليوم الأول طازج وممتد، فول وفلافل وزبادى فخار وبيض وجبن، يمتلئ المسجد بالمصلين الذين صنعوا من هذا الفجر الأول عيد، يتحول اليوم الأول من شهر رمضان تلقائيا إلى إجازة غير رسمية استعدادا لسفر غرباء ولمة عائلة ودعوات لمائدة عامرة، تتواصل التهنئة بالشهر الفضيل عبر التليفون أو وجها لوجه، فتسقط خصومات قديمة وترتفع أدعية ودعوات بإفطار أو سحور، جاء شهر رمضان بكل مامنحه الله سبحانه وتعالى من روعة وجلال القرآن الكريم، نتمنى أن يدوم، فيصر على رحيل سريع كأنه لايطيق البقاء معنا طويلا، يتركنا لمشاكلنا التى لاحلول لها، يمضى بخطوات سريعة، يطوينا، نتصور أننا مازلنا فى يومه الأول، نتذكر كيف كانت ليلة الرؤية كأنها أمس، فهل نستطيع أن نتمسك بالشهر وكرمه، فنتغير ونغير، هذه المرة أرى أن حلول شهر رمضان فى هذه الظروف التى نمر بها، يجب أن نتمسك بفكرة المصالحة العامة التى تنقص مجتمعنا الآن وتؤدى فى أقرب وقت إلى كارثة، شهر رمضان بكل خيره وسكينته وروح التسامح التى منحنا الله، يجب أن نعمل على استغلالها بشكل يجعلنا لاننسى هذا الشهر فى هذه السنة، لأنه أنقذنا من هاوية ساحقة نحن ننزلق أو إنزلق جزء كبير فيها.
كل رمضان وأنت بخير صديقى، أرجو أن يكون شهر رمضان مساحة لكى تتخلص من أشياء كثيرة معيبة تسكنك، لامانع أن تكتب ورقة بكل ماترى أنه سيئ فيك.. لتصححه، وتستبدله بكل ماهو خير، هذا فى صالحك تماما، وفى صالح مجتمع يبدو هشا وجافا يحتاج تغييرا من جذوره حتى ينبت شجرة مورقة مثمرة، التغيير المنتظر هو أننا جميعا نتغير حتى نشعر أن هناك ثورة مجتمع على كل شئ فاسد، الفساد ليس سرقة فقط، الكسل والتباطؤ والغباء والجهل وتصلب الرأى وعدم القدرة على الحوار وعدم تقبل الآخر أو أفكار الآخر.. فساد، ونحن نعيش مجتمعا يملك قدرا كبيرا من الفساد غير المعترف به، فهذا رمضان.. فلماذا لانعترف ونبدأ ونعمل على أن نصبح مجتمعا أفضل، فنحن نستحق أن نعيش فى مجتمع أفضل، أكثر قدرة على التسامح وأكثر قدرة على الأمل وأكثر قدرة على الإنتاج وأكثر قدرة على الإيمان بالله وأكثر قدرة على الثقة فى نفسه وأكثر نظافة وذوق وحب وسعادة، وهى أشياء انتظرنا حدوثها، أن تأتى فلم تأت ولن تأتى، وكيف تأتى ونحن لم نسع للحصول عليها بتغيير يبدأ من عقل وقلب كل إنسان.
رمضان كريم أيها الأعزاء، السنة المقبلة نحتفل إن شاء الله بشهر رمضان فى سعادة من القلب، نحتفل بخروجنا من هذه الصورة الرمادية التى دخل رمضان بها، يارب... لا أمل لنا إلا برحمتك.. فامنحها لنا فى هذا الشهر الجميل، وعلينا أن نتغير قبل فوات الأوان.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد سنجر
مدينة 25 يناير حلم المصرين يتحقق
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
احسن حاجه قلتها منذ قيام الثوره
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب مصدر السلطات
احسن حاجه قلتها منذ قيام الثوره
بدون